. ٩ ومن فوائد الآية: أن لفظ الكثير لا يدل على الأكثر؛ لقوله تعالى: ﴿ يضل به كثيراً ويهدي به كثيراً ﴾؛ فلو أخذنا بظاهر الآية لكان الضالون، والمهتدون سواءً؛ وليس كذلك؛ لأن بني آدم تسعمائة وتسعة وتسعون من الألف ضالون؛ وواحد من الألف مهتدٍ؛ فكلمة: ﴿ كثيراً ﴾ لا تعني الأكثر؛ وعلى هذا لو قال إنسان: عندي لك دراهم كثيرة، وأعطاه ثلاثة لم يلزمه غيرها؛ لأن "كثير" يطلق على القليل، وعلى الأكثر..
. ١٠ ومن فوائد الآية: أن إضلال من ضل ليس لمجرد المشيئة؛ بل لوجود العلة التي كانت سبباً في إضلال الله العبد؛ لقوله تعالى: ﴿ وما يضل به إلا الفاسقين ﴾؛ وهذا كقوله تعالى: ﴿فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين﴾ (الصف: ٥)..
. ١١ ومنها: الرد على القدرية الذين قالوا: إن العبد مستقل بعمله. لا علاقة لإرادة الله تعالى به؛ لقوله تعالى: ( وما يضل به إلا الفاسقين )..
القرآن
)الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (البقرة: ٢٧)
التفسير:
.﴿ ٢٧ ﴾ قوله تعالى: ﴿ الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ﴾ أي العهد الذي بينهم وبين الله عزّ وجلّ؛ وهو الإيمان به، وبرسله؛ فإن هذا مأخوذ على كل إنسان؛ إذا جاء رسول بالآية فإن الواجب على كل إنسان أن يؤمن به؛ فهؤلاء نقضوا عهد الله، ولم يؤمنوا به، وبرسله؛ والنقض حَلّ الشيء بعد إبرامه؛ وقد بين الله عزّ وجلّ هذا العهد في قوله تعالى: ﴿ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضاً حسناً لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل﴾ [المائدة: ١٢]..


الصفحة التالية
Icon