وقوله تعالى: ﴿ لا ريب فيه هدًى للمتقين ﴾: وقف بعض القراء على قوله تعالى: ﴿ لا ريب ﴾؛ وعليه فيكون خبر ﴿ لا ﴾ محذوفاً؛ والتقدير: لا ريب في ذلك؛ ويكون الجار والمجرور خبراً مقدماً، و﴿ هدًى ﴾ مبتدأً مؤخراً؛ ووقف بعضهم على قوله تعالى: ﴿ فيه ﴾؛ وعليه فيكون الجار والمجرور خبر ﴿ لا ﴾؛ ويكون قوله تعالى: ﴿ هدًى ﴾ خبر مبتدأ محذوف؛ والتقدير: هو هدًى للمتقين..
و"التقوى": اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره، واجتناب نواهيه..
الفوائد:
. ١ من فوائد الآية: بيان علوّ القرآن؛ لقوله تعالى: ﴿ ذلك ﴾؛ فالإشارة بالبعد تفيد علوّ مرتبته؛ وإذا كان القرآن عالي المكانة والمنزلة، فلا بد أن يعود ذلك على المتمسك به بالعلوّ والرفعة؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ليظهره على الدين كله﴾ [التوبة: ٣٣] ؛ وكذلك ما وُصِف به القرآن من الكرم، والمدح، والعظمة فهو وصف أيضاً لمن تمسك به..
. ٢ ومنها: رفعة القرآن من جهة أنه قرآن مكتوب معتنٍ به؛ لقوله تعالى: ﴿ ذلك الكتاب ﴾؛ وقد بيّنّا أنه مكتوب في ثلاثة مواضع: اللوح المحفوظ، والصحف التي بأيدي الملائكة، والمصاحف التي بأيدي الناس..
. ٣ ومن فوائد الآية: أن هذا القرآن نزل من عند الله يقيناً؛ لقوله تعالى: ( لا ريب فيه )
. ٤ ومنها: أن المهتدي بهذا القرآن هم المتقون؛ فكل من كان أتقى لله كان أقوى اهتداءً بالقرآن الكريم؛ لأنه عُلِّق الهدى بوصف؛ والحكم إذا عُلق بوصف كانت قوة الحكم بحسب ذلك الوصف المعلَّق عليه؛ لأن الوصف عبارة عن علة؛ وكلما قويت العلة قوي المعلول..
. ٥ ومن فوائد الآية: فضيلة التقوى، وأنها من أسباب الاهتداء بالقرآن، والاهتداء بالقرآن يشمل الهداية العلمية، والهداية العملية؛ أي هداية الإرشاد، والتوفيق..
فإن قيل: ما الجمع بين قوله تعالى: ﴿ هدًى للمتقين ﴾، وقوله تعالى: ﴿شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدًى للناس وبينات من الهدى والفرقان﴾؟ (البقرة: ١٨٥).


الصفحة التالية
Icon