لما ذكر جلّ وعلا أنه قادر على الإحياء والإماتة، بيَّن منَّته على العباد بأنه خلق لهم ما في الأرض جميعاً
.﴿ ٢٩ ﴾ قوله تعالى: ﴿ هو الذي خلق لكم ﴾ أي أوجد عن علم وتقدير على ما اقتضته حكمته جلّ وعلا، وعلمه؛ و﴿ لكم ﴾: اللام هنا لها معنيان؛ المعنى الأول: الإباحة، كما تقول: "أبحت لك"؛ والمعنى الثاني: التعليل: أي خلق لأجلكم..
قوله تعالى: ﴿ ما في الأرض جميعاً ﴾؛ ﴿ ما ﴾ اسم موصول تعُمّ: كل ما في الأرض فهو مخلوق لنا من الأشجار، والزروع، والأنهار، والجبال... كل شيء..
قوله تعالى: ﴿ ثم ﴾ أي بعد أن خلق لنا ما في الأرض جميعاً ﴿ استوى إلى السماء ﴾ أي علا إلى السماء؛ هذا ما فسرها به ابن جرير. رحمه الله؛ وقيل: أي قصد إليها؛ وهذا ما اختاره ابن كثير. رحمه الله؛ فللعلماء في تفسير ﴿ استوى إلى ﴾ قولان: الأول: أن الاستواء هنا بمعنى القصد؛ وإذا كان القصد تاماً قيل: استوى؛ لأن الاستواء كله يدل على الكمال، كما قال تعالى: ﴿ولما بلغ أشده واستوى﴾ [القصص: ١٤] أي كمل؛ فمن نظر إلى أن هذا الفعل عُدّي بـ ﴿ إلى ﴾ قال: إن ﴿ استوى ﴾ هنا ضُمِّن معنى قصد؛ ومن نظر إلى أن الاستواء لا يكون إلا في علوّ جعل ﴿ إلى ﴾ بمعنى "على"؛ لكن هذا ضعيف؛ لأن الله تعالى لم يستوِ على السماء أبداً؛ وإنما استوى على العرش؛ فالصواب ما ذهب إليه ابن كثير رحمه الله وهو أن الاستواء هنا بمعنى القصد التام، والإرادة الجازمة؛ و﴿ السماء ﴾ أي العلوّ؛ وكانت السماء دخاناً. أي مثل الدخان؛
﴿ فسواهن سبع سموات ﴾ أي جعلها سوية طباقاً غير متناثرة قوية متينة..
قوله تعالى: ﴿ وهو بكل شيء عليم ﴾؛ ومن علمه عزّ وجلّ أنه علم كيف يخلق هذه السماء..
الفوائد:


الصفحة التالية
Icon