أجابهم الله تعالى: ﴿ قال إني أعلم ما لا تعلمون ﴾ أي من أمر هذه الخليفة التي سيكون منها النبيون، والصدِّيقون، والشهداء، والصالحون..
الفوائد:
. ١ من فوائد الآية: إثبات القول لله عزّ وجلّ، وأنه بحرف، وصوت؛ وهذا مذهب السلف الصالح من الصحابة، والتابعين، وأئمة الهدى من بعدهم؛ يؤخذ كونه بحرف من قوله تعالى: ﴿ إني جاعل في الأرض خليفة ﴾؛ لأن هذه حروف؛ ويؤخذ كونه بصوت من أنه خاطب الملائكة بما يسمعونه؛ وإثبات القول لله على هذا الوجه من كماله سبحانه وتعالى؛ بل هو من أعظم صفات الكمال: أن يكون عزّ وجلّ متكلماً بما شاء كوناً، وشرعاً؛ متى شاء؛ وكيف شاء؛ فكل ما يحدث في الكون فهو كائن بكلمة ﴿ كن ﴾؛ لقوله تعالى: ﴿إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون﴾ [يس: ٨٢] ؛ وكل الكون مراد له قدراً؛ وأما قوله الشرعي: فهو وحيه الذي أوحاه إلى رسله، وأنبيائه..
. ٢ ومن فوائد الآية: أن الملائكة ذوو عقول؛ وجهه أن الله تعالى وجه إليهم الخطاب، وأجابوا؛ ولا يمكن أن يوجه الخطاب إلا إلى من يعقله؛ ولا يمكن أن يجيبه إلا من يعقل الكلامَ، والجوابَ عليه؛ وإنما نبَّهْنا على ذلك؛ لأن بعض أهل الزيغ قالوا: إن الملائكة ليسوا عقلاء..
. ٣ ومنها: إثبات الأفعال لله عزّ وجلّ أي أنه تعالى يفعل ما شاء متى شاء كيف شاء؛ ومن أهل البدع من ينكر ذلك زعماً منه أن الأفعال حوادث؛ والحوادث لا تقوم إلا بحادث فلا يجيء، ولا يستوي على العرش، ولا ينْزل، ولا يتكلم، ولا يضحك، ولا يفرح، ولا يعجب؛ وهذه دعوى فاسدة من وجوه:.
الأول: أنها في مقابلة نص؛ وما كان في مقابلة نص فهو مردود على صاحبه..
الثاني: أنها دعوى غير مسلَّمة؛ فإن الحوادث قد تقوم بالأول الذي ليس قبله شيء..
الثالث: أن كونه تعالى فعالاً لما يريد من كماله، وتمام صفاته؛ لأن من لا يفعل إما أن يكون غير عالم، ولا مريد؛ وإما أن يكون عاجزاً؛ وكلاهما وصفان ممتنعان عن الله سبحانه وتعالى..


الصفحة التالية
Icon