قوله تعالى: ﴿ اسجدوا لآدم ﴾: "السجود" هو السجود على الأرض بأن يضع الساجد جبهته على الأرض خضوعاً، وخشوعاً؛ وليس المراد به هنا الركوع؛ لأن الله تعالى فرَّق بين الركوع والسجود، كما في قوله تعالى: ﴿تراهم ركعاً سجداً﴾ [الفتح: ٢٩]، وقوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا﴾ [الحج: ٧٧]..
قوله تعالى: ﴿ فسجدوا ﴾ أي من غير تأخير؛ فالفاء هنا للترتيب، والتعقيب؛ ﴿ إلا إبليس ﴾ هو الشيطان؛ وسمي إبليساً لأنه أَبلَسَ من رحمة الله. أي أَيِسَ منها يأساً لا رجاء بعده. ﴿ أبى ﴾ أي امتنع؛ ﴿ واستكبر ﴾ أي صار ذا كبر؛ ﴿ وكان من الكافرين ﴾: زعم بعض العلماء أن المراد: كان من الكافرين في علم الله بناءً على أن
﴿ كان ﴾ فعل ماضٍ؛ والمضي يدل على شيء سابق؛ لكن هناك تخريجاً أحسن من هذا: أن نقول: إن "كان" تأتي أحياناً مسلوبة الزمان، ويراد بها تحقق اتصاف الموصوف بهذه الصفة؛ ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وكان الله غفوراً رحيماً﴾ [النساء: ٩٦]، وقوله تعالى: ﴿وكان الله عزيزاً حكيماً﴾ [النساء: ١٥٨]، وقوله تعالى: ﴿وكان الله سميعاً بصيراً﴾ [النساء: ١٣٤]، وما أشبهها؛ هذه ليس المعنى أنه كان فيما مضى؛ بل لا يزال؛ فتكون ﴿ كان ﴾ هنا مسلوبة الزمان، ويراد بها تحقيق اتصاف الموصوف بما دلت عليه الجملة؛ وهذا هو الأقرب، وليس فيه تأويل؛ ويُجرى الكلام على ظاهره..
الفوائد:
. ١ من فوائد الآية: بيان فضل آدم على الملائكة؛ وجهه أن الله أمر الملائكة أن يسجدوا له تعظيماً له..


الصفحة التالية
Icon