الجواب: الفرق أن الهدى التزم الله تعالى ببيانه وإيضاحه للخلق، أما الملك فهو لله ملك الاخرة والأولى، ولهذا قال: ﴿وإن لنا للاخرة والأولى﴾ ثم قال عز وجل: ﴿فأنذرتكم نارًا تلظى﴾ ﴿فأنذرتكم﴾ يعني: خوفتكم ﴿ناراً﴾ يعني بها نار الاخرة. ﴿تلظى﴾ تشتعل، ولها أوصاف كثيرة في القرآن والسنة. ﴿لا يصلاها إلا الأشقى﴾ ﴿لا يصلاها﴾ يعني: لا يحترق بها ﴿إلا الأشقى﴾ يعني الذي قدرت له الشقاوة. والشقاوة ضد السعادة لقوله تعالى: ﴿فأما الذين شقوا ففي النار﴾ [هود: ١٠٦]. وقوله: ﴿وأما الذين سعدوا ففي الجنة﴾ [هود: ١٠٨]. فالمراد بالأشقى يعني: الذي لم تكتب له السعادة، هذا هو الذي يصلى النار التي تلظى. ثم بين هذا بقوله: ﴿الذي كذب وتولى﴾ التكذيب في مقابل الخبر، والتولي في مقابل الأمر والنهي. فهذا كذب الخبر ولم يصدق، قيل له: إنك ستبعث. قال: لا أبعث. قيل له: هناك جنة ونار. قال: ليس هناك جنة ونار. قيل له: سيكون كذا وكذا، قال: ما يكون. هذا تكذيب. ﴿تولى﴾ يعني أعرض عن طاعة الله، وأعرض عما جاءت به رسله، فهذا هو الشقي. ﴿وسيجنبها﴾ أي: يجنب هذه النار التي تلظى ﴿الأتقى﴾ والأتقى اسم تفضيل من التقوى يعني: الذي اتقى الله تعالى حق تقاته. ﴿الذي يؤتي ماله يتزكى﴾ يعني: يعطي ماله من يستحقه على وجه يتزكى به، أي: يتطهر به، قال الله تعالى: ﴿خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم﴾. [التوبة: ١٠٣]. فقوله: ﴿الذي يؤتي ماله يتزكى﴾ يفيد أنه لا يبذر ولا يبخل، وإنما يؤتي المال على وجه يكون به التزكية، وضابط ذلك ما ذكره الله في سورة الفرقان ﴿والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً﴾. [الفرقان: ٦٧]. نجد بعض الناس يعطيه الله مالاً، ولكنه يبخل يقتر حتى الواجب عليه لزوجته وأولاده وأقاربه لا يقوم به. ونرى بعض الناس قدر الله عليه الرزق وضيق عليه بعض الشيء، ومع هذا يذهب يتدين من الناس من أجل أن يكمل بيته