قال بعض أهل العلم: أقسم الله بهذه الثلاثة، لأن الأول ﴿والتين والزيتون﴾ أرض فلسطين التي فيها الأنبياء، وآخر أنبياء بني إسرائيل هو عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، وبطور سينين لأنه الجبل الذي أوحى الله تعالى إلى موسى حوله، وأما البلد الأمين فهو مكة الذي بعث الله منه محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم. قال العلماء: ومعنى قوله: ﴿وطور سينين﴾ أي طور البركة لأن الله تعالى وصفه أو وصف ما حوله بالوادي المقدس. ﴿لقد خلقناً الإنسان في أحسن تقويم﴾ هذا هو المقسم عليه، أقسم الله تعالى أنه خلق الإنسان في أحسن تقويم، وهذه الجملة التي فيها المقسم عليه مؤكدة بثلاثة مؤكدات: القسم، واللام، وقد، أقسم الله أنه خلق الإنسان ﴿في أحسن تقويم﴾ في أحسن هيئة وخِلقة و﴿في أحسن تقويم﴾ فطرة وقصداً، لأنه لا يوجد أحد من المخلوقات أحسن من بني آدم خلقة، فالمخلوقات الأرضية كلها دون بني آدم في الخلقة، لأن الله تعالى قال: ﴿لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم﴾ قوله: ﴿ثم رددناه أسفل سافلين﴾ هذه الردة التي ذكرها الله عز وجل تعني أن الله تعالى يرد الإنسان أسفل سافلين خِلقة كما قال الله تعالى: ﴿ومنكم من يرد إلى أرذل العمر﴾ [النحل: ٧٠]. فكلما ازدادت السن في الإنسان تغير إلى أردأ في القوة الجسدية، وفي الهيئة الجسدية، وفي نضارة الوجه وغير ذلك يرد أسفل سافلين، وإذا قلنا إن أحسن تقويم تشمل حتى الفطرة التي جبل الله الخلق عليها، والعبادة التي تترتب أو تتبنى على هذه الفطرة، فإن هذا إشارة إلى أن من الناس من تعود به حاله ـ والعياذ بالله ـ إلى أن يكون أسفل سافلين بعد أن كان في الأعلى والقمة من الإيمان والعلم، والاية تشمل المعنيين جميعاً ثم قال تعالى: ﴿إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون﴾ هذا استثناء من قوله: ﴿ثم رددناه أسفل سافلين﴾ يعني إلا المؤمنين الذين آمنوا وعملوا الصالحات فإنهم لا يردون إلى أسفل السافلين، لأنهم