قال الله تعالى: ﴿فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي﴾ [الأعراف: ٥٨]. وقال تعالى: ﴿هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم﴾ [الجمعة: ٢]. فكان لا يقرأ ولا يكتب، وهذا من حكمة الله أنه لا يقرأ ولا يكتب، حتى تتبين حاجته وضرورته إلى هذه الرسالة، وحتى لا يبقى لشاك شك في صدقه، وقد أشار الله إلى هذه في قوله: ﴿وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون﴾ [العنكبوت: ٤٨]. قال له: «ما أنا بقارىء» فغطه مرتين أو ثلاثاً، ثم قال له ﴿اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم﴾ خمس آيات نزلت فرجع بها النبي صلى الله عليه وسلّم يرجف فؤاده من الخوف والفزع حتى أتى إلى خديجة، وحديث الوحي وابتداءه موجود في أول صحيح البخاري من أحب أن يرجع إليه فليرجع يقول الله عز وجل: ﴿اقرأ باسم ربك الذي خلق﴾ قوله: ﴿باسم ربك﴾ قيل معناه متلبساً بذلك، وقيل مستعيناً بذلك، يعني اقرأ مستعيناً باسم الله؛ لأن أسماء الله تعالى كلها خير، وكلها إعانة يستعين بها الإنسان، ويستعين بها على وضوئه، ويستعين بها على أكله، ويستعين بها على جماعه فهي كلها عون، وقال: ﴿باسم ربك﴾ دون أن يقول باسم الله لأن المقام مقام ربوبية وتصرف وتدبير للأمور وابتداء رسالة فلهذا قال: ﴿باسم ربك﴾ إلا أنه عليه الصلاة والسلام قد رباه الله تعالى تربية خاصة ورباه كذلك ربوبية خاصة. ﴿الذي خلق﴾ أي خلق كل شيء كما قال تعالى: ﴿وخلق كل شيء فقدره تقديراً﴾ [الفرقان: ٢]. وقال تعالى: ﴿الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل﴾ [الزمر: ٦٢]. فما من شيء في السماء ولا في الأرض، من خفي وظاهر، وصغير وكبير إلا وهو مخلوق لله عز وجل ولهذا قال: ﴿خلق﴾ وحذف المفعول إشارة للعموم؛ لأن حذف المفعول يفيد العموم، إذ لو ذكر المفعول لتقيد الفعل به، لو قال خلق كذا تقيد الخلق بما ذكر فقط، لكن إذا قال ﴿خلق﴾ وأطلق صار عامًّا فهو