الله عز وجل، ومن المعلوم أن الإنسان إذا تصفح القرآن وجده كذلك، وجده يتضمن كتباً أي مكتوبات قيمة، انظر إلى ما جاء به القرآن من توحيد الله عز وجل، والثناء عليه، وحمده وتسبيحه تجده مملوءاً بذلك، انظر إلى ما في القرآن من وصف النبي صلى الله عليه وسلّم ووصف أصحابه المهاجرين والأنصار ووصف التابعين لهم بإحسان، انظر إلى ما جاء به القرآن من الأمر بالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وغير ذلك من الأخلاق الفاضلة تجد أن كل ما جاء به القرآن فهو قيم بنفسه، وكذلك هو مقيم لغيره ﴿فيها كتب قيمة﴾. إذاً أخبر الله في هذه الاية أنه لا يمكن أن ينفك هؤلاء الكفار من أهل الكتاب والمشركين حتى تأتيهم البينة، فلما جاءتهم البينة هل انفكوا عن دينهم، عن كفرهم وشركهم؟ الجواب قال الله تعالى: ﴿وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة﴾ يعني لما جاءتهم البينة اختلفوا، منهم من آمن، ومنهم من كفر، فمن النصارى من آمن مثل النجاشي ملك الحبشة، ومن اليهود من آمن أيضاً مثل عبدالله بن سلام ـ رضي الله عنه ـ فمنهم من آمن، ومنهم من كفر، فمن علم الله منه أنه يريد الخير، ويريد الدين لله آمن ووفق للإيمان، ومن لم يكن كذلك وفق للكفر، كذلك أيضاً من المشركين من آمن، وما أكثر المشركين من قريش الذين آمنوا، فصار الناس قبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام لم يزالوا على ما هم عليه من الكفر حتى جاءتهم البينة، ثم لما جاءتهم البينة تفرقوا واختلفوا كما قال تعالى: ﴿ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم﴾ [آل عمران: ١٠٥].