تفسير سورة الماعون
﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾
﴿أَرَءَيْتَ الَّذِى يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِى يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾.
البسملة تقدم الكلام عليها.
يقول الله تبارك وتعالى: ﴿أرأيت الذي يكذب بالدين﴾ ﴿أرأيت﴾ الخطاب هل هو للرسول ﷺ لأنه الذي أنزل عليه القرآن؟ أو هو عام لكل من يتوجه إليه الخطاب؟ العموم أولى فنقول: ﴿أرأيت الذي﴾ عام لكل من يتوجه إليه الخطاب، ﴿أرأيت الذي يكذب بالدين﴾ أي بالجزاء، وهؤلاء هم الذين ينكرون البعث ويقولون: ﴿أإذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أإنا لمبعوثون. أوءاباؤنا الأولون﴾ [الصافات: ١٦، ١٧]. ويقول القائل منهم: ﴿من يحيي العظام وهي رميم﴾ [يس: ٧٨]. هؤلاء يكذبون بيوم الدين أي: بالجزاء. ﴿فذلك الذي يدع اليتيم. ولا يحض على طعام المسكين﴾ فجمع بين أمرين:
الأمر الأول: عدم الرحمة بالأيتام الذين هم محل الرحمة؛ لأن الأيتام هم الذين مات آباؤهم قبل أن يبلغوا، وهم محل الشفقة والرحمة؛ لأنهم فاقدون لابائهم فقلوبهم منكسرة يحتاجون إلى جابر. ولهذا وردت النصوص بفضل الإحسان إلى الأيتام. لكن هذا ـ والعياذ بالله ـ ﴿يدع اليتيم﴾ أي: يدفعه بعنف، لأن الدع هو الدفع بعنف كما قال الله تعالى: ﴿يوم يدعون إلى نار جهنم دعًّا﴾ [الطور: ١٣]. أي: دفعاً شديداً، فتجد اليتيم إذا جاء إليه يستجديه شيئاً، أو يكلمه في شيء يحتقره ويدفعه بشدة فلا يرحمه.
الأمر الثاني: لا يحثون على رحمة الغير ﴿ولا يحض على طعام المسكين﴾ فالمسكين الفقير المحتاج إلى الطعام لا يحض هذا الرجل على إطعامه؛ لأن قلبه حجر قاسٍ، فقلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة. إذاً ليس فيه رحمة لا للأيتام ولا للمساكين، فهو قاسي القلب.