نخلص النحر لله كما أُمر بذلك نبينا صلى الله عليه وسلّم ثم قال ﴿إن شانئك هو الأبتر﴾ هذا في مقابل إعطاء الكوثر قال: ﴿إن شانئك هو الأبتر﴾ ﴿شانئك﴾ أي مبغضك، والشنئان هو البغض، ومنه قوله تعالى: ﴿ولا يجرمنكم شنئان قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا﴾ [المائدة: ٢]. أي: لا يحملنكم بغضهم أن تعتدوا. ﴿ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا﴾ [المائدة: ٨]. أي: لا يحملنكم بغضهم على ترك العدل ﴿اعدلوا هو أقرب للتقوى﴾ فشانئك في قوله: ﴿إن شانئك﴾ يعني مبغضك ﴿هو الأبتر﴾ الأبتر: اسم تفضيل من بتر بمعنى قطع، يعني هو الأقطع. المنقطع من كل خير، وذلك أن كفار قريش يقولون: محمد أبتر، لا خير فيه ولا بركة فيه ولا في اتباعه، أبتر لما مات ابنه القاسم رضي الله عنه قالوا: محمد أبتر، لا يولد له، ولو ولد له فهو مقطوع النسل، فبين الله عز وجل أن الأبتر هو مبغض الرسول عليه الصلاة والسلام فهو الأبتر المقطوع عن كل خير. الذي ليس فيه بركة، وحياته ندامة عليه، وإذا كان هذا في مبغضه فهو أيضاً في مبغض شرعه. فمن أبغض شريعة الرسول عليه الصلاة والسلام، أو أبغض شعيرة من شعائر الإسلام، أو أبغض أي طاعة مما يتعبد به الناس في دين الإسلام فإنه كافر، خارج عن الدين لقول الله تعالى: ﴿ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم﴾ [محمد: ٩]. ولا حبوط للعمل إلا بالكفر، فمن كره فرض الصلوات فهو كافر ولو صلى، ومن كره فرض الزكاة فهو كافر ولو صلى، لكن من استثقلها مع عدم الكراهة فهذا فيه خصلة من خصال النفاق لكنه لا يكفر. وفرق بين من استثقل الشيء ومن كره الشيء.


الصفحة التالية
Icon