وهو بكل شيء عليم} [الأنعام: ١٠١]. فالولد يحتاج إلى صاحبة تلده، وكذلك هو خالق كل شيء، فإذا كان خالق كل شيء فكل شيء منفصل عنه بائن منه. وفي قوله: ﴿لم يلد﴾ رد على ثلاث طوائف منحرفة من بني آدم، وهم: المشركون، واليهود، والنصارى، لأن المشركين جعلوا الملائكة الذين هم عبادالرحمن إناثاً، وقالوا: إن الملائكة بنات الله. واليهود قالوا: عزير ابن الله. والنصارى قالوا: المسيح ابن الله. فكذبهم الله بقوله: ﴿لم يلد ولم يولد﴾ لأنه عز وجل هو الأول الذي ليس قبله شيء، فكيف يكون مولوداً؟! ﴿ولم يكن له كفواً أحد﴾ أي لم يكن له أحد مساوياً في جميع صفاته، فنفى الله سبحانه وتعالى عن نفسه أن يكون والداً، أو مولوداً، أو له مثيل، وهذه السورة لها فضل عظيم. قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «إنها تعدل ثلث القرآن»، لكنها تعدله ولا تقوم مقامه، فهي تعدل ثلث القرآن لكن لا تقوم مقام ثلث القرآن. بدليل أن الإنسان لو كررها في الصلاة الفريضة ثلاث مرات لم تكفه عن الفاتحة، مع أنه إذا قرأها ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله، لكنها لا تجزىء عنه، ولا تستغرب أن يكون الشيء معادلاً للشيء ولا يجزىء عنه. فها هو النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أن من قال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، فكأنما أعتق أربعة أنفس من بني إسماعيل، أو من ولد إسماعيل»، ومع ذلك لو كان عليه رقبة كفارة، وقال هذا الذكر، لم يكفه عن الكفارة فلا يلزم من معادلة الشيء للشيء أن يكون قائماً مقامه في الإجزاء.
هذه السورة كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقرأ بها في الركعة الثانية في سنة الفجر، وفي سنة المغرب، وفي ركعتي الطواف، وكذلك يقرأ بها في الوتر، لأنها مبنية على الإخلاص التام لله، ولهذا تسمى سورة الإخلاص.