)فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) (الكهف: ٦)
قوله تعالى: ﴿)فَلَعَلَّكَ ﴾ الخِطاب للرسول ﷺ ﴿ بَاخِعٌ نَفْسَكَ ﴾ مهلكٌ نفسَك، لأنه كان ﷺ إذا لم يجيبوه حَزِنَ حَزناً شديداً، وضاق صدره حتى يكادَ يَهلك، فسلَّاه الله وبيّن له أنه ليس عليه من عدم استجابتهم من شيء، وإنما عليه البلاغ وقد بلَّغ.
( عَلَى آثَارِهِمْ) أي باتباع آثارهم، لعلَّهم يرجعون بعد عدم إجابتهم وإعراضهم.
( إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيث)ِ أي إن لم يؤمنوا بهذا القرآن.
(أَسَفاً) } مفعول من أجله، العامل فيه: ﴿ بَاخِعٌ ﴾ المعنى أنه لعلك باخع نفسك من الأسف إذا لم يؤمنوا بهذا مع أن الرسول ﷺ ليس عليه من عدم استجابتهم من شيء، ومهمة الرسول ﷺ البلا،. قال تعالى: ﴿ فإنما عليك البلاغ﴾ [الرعد: ٤٠]، وهكذا ورثته من بعده: العلماء، وظيفتهم البلاغ وأما الهداية فبيد الله، ومن المعلوم أن الإنسان المؤمن يحزن إذا لم يستجبِ الناس للحق، لكنَّ الحازنَ إذا لم يقبل الناس الحق على نوعين:
١ - نوع يحزن لأنه لم يُقبل.
٢ - ونوع يحزن لأن الحق لم يُقبل.
والثاني هو الممدوح لأن الأول إذا دعا فإنما يدعو لنفسه، والثاني إذا دعا فإنما يدعو إلى الله، ولهذا قال تعالى: ﴿أدع الى سبيل ربك ﴾ [النحل: ١٢٥.
لكن إذا قال الإنسان أنا أحزن؛ لأنه لم يُقبل قولي؛ لأنه الحق ولذلك لو تبين لي الحق على خلاف قولي أخذت به فهل يكون محموداً أو يكونُ غير محمود؟
الجواب: يكون محموداً لكنه ليس كالآخرَ الذي ليس له همٌّ إلَّا قَبول الحق سَواء جاء من قِبَله أو جاء من قبل غيره.
* * *
)إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) (الكهف: ٧)