()، فصارت التقوى تتحقق بأمرين:
الأول: امتثال أمر الله - عز وجل - دون تردد.
والثاني: اجتناب نهي الله - عز وجل - دون تردد.
يقول الله - عز وجل -: ﴿إن الله تواب رحيم ﴾ هو الله سبحانه وتعالى رحيم وهو رحمن، وقد اجتمع الاسمان في أعظم سورة في كتاب الله، في الفاتحة، قال العلماء: إذا ذكر الرحمن وحده كما في قوله تعالى:﴿وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن ﴾ أو ذكر الرحيم وحده كما في هذه الآية ﴿تواب رحيم ﴾ فمعناهما واحد، يعني أن الرحيم والرحمن ذو الرحمة الواسعة الشاملة، والرحمن إذا ذكر وحده كذلك هو ذو الرحمة الواسعة الشاملة، أما إذا اجتمعا جميعاً فالرحمن باعتبار الوصف، والرحيم باعتبار الفعل، يعني أنه - عز وجل - ذو رحمة واسعة، وهو أيضاً راحم وموصل الرحمة إلى من يشاء من عباده، كما قال الله تعالى: ﴿يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون ﴾ أسأل الله أن يعمني وجميع إخواننا المسلمين برحمته، وأن يجعلنا من دعاة الخير والإصلاح، إنه على كل شيء قدير.
﴿ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبآئل لتعارفوا ﴾ الخطاب هنا مصدر بنداء الناس عموماً، مع أن أول السورة وجه الخطاب فيه للذين آمنوا، وسبب ذلك أن هذا الخطاب في هذه الآية موجه لكل إنسان؛ لأنه يقع التفاخر بالأنساب من كل إنسان، فيقول - عز وجل -: ﴿يا أيها الناس ﴾، والخطاب للمؤمن والكافر، والبر والفاجر، ﴿إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ﴾ من ذكر هو آدم، وأنثى هي حواء، هذا هو المشهور عند علماء التفسير، وذهب بعضهم إلى أن المقصود بالذكر والأنثى هنا الجنس، يعني أن بني آدم خُلقوا من هذا الجنس من ذكر وأنثى، وفي الآية دليل على أن الإنسان يتكون من أمه وأبيه أي يخلق من الأم والأب، ولا يعارض هذا قول الله تعالى: ﴿فلينظر الإنسان مم خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترآئب ﴾ فإذا قلنا: إن المراد بالصلب صلب الرجل، والترائب ترائب


الصفحة التالية
Icon