أخذاً بالثأر فقط، لكن الجهاد حقيقة هو أن يقاتل الإنسان لتكون كلمة الله هي العليا، أما الجهاد انتصاراً للنفس، أو دفاعاً عن النفس فقط، فليس في سبيل الله، لكن لاشك أن من قاتل دفاعاً عن نفسه فإنه إن قتل فهو شهيد ()، وإن قتله صاحبه فصاحبه في النار كما جاء في الحديث عن النبي ﷺ، فيمن أراد أن يأخذ مالك قال: «لا تعطه»، قال: يا رسول الله، أرأيت إن قاتلني، قال: «قاتله»، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: «أنت شهيد»، قال: إن قتلته؟ قال: «فهو في النار» ()، فالجهاد في سبيل الله هو القتال لتكون كلمة الله هي العليا، هذا هو الذي حده النبي عليه الصلاة والسلام وفصَّله فصلاً قاطعاً، ﴿ أولئك هم الصادقون ﴾ في إيمانهم وعدم ارتيابهم، أما الذين قالوا من الأعراب آمنا ولكنهم لم يؤمنوا حقيقة ولكن أسلموا فإنهم ليسوا صادقين، ولهذا قال الله تعالى: ﴿قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ﴾.
﴿ قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأَرض ﴾ هذا إنكار لقول الذين قالوا آمنا، يعني أتعلمون الله تعالى بأنكم آمنتم وهو عليم بكل شيء، وتعلمون الله بمعنى: تخبرون الله، وليس المراد أن ترفعوا جهله عن حالكم، فهو يعلم حالهم - عز وجل - ويعلم أنهم مؤمنون أو غير مؤمنين، لكن تعلمون هنا بمعنى تخبرون، وليس معناه أن ترفعوا الجهل عن الله - عز وجل - لأن الله ليس جاهلاً بحالهم، بل هو عالم، ﴿أتعلمون الله بدينكم ﴾ حينما قلتم آمنا، ﴿والله يعلم ما في السماوات وما في الأَرض ﴾ ومنها أي ما في السموات وما في الأرض حالكم إن كنتم مؤمنين أو غير مؤمنين، وفي هذه الآية إشارة إلى أن النطق بالنية في العبادات منكر؛ لأن الإنسان الذي يقول: أريد أن أصلي، يعلّم الله - سبحانه وتعالى - بما يريد من العمل، والله يعلم، والذي يقول: أريد أن أصوم كذلك، والذي يقول: نويت أن أتصدق كذلك، والذي يقول: نويت أن أحج كذلك أيضاً، ولهذا لا يسن


الصفحة التالية
Icon