أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليماً حكيماً }. وقال الله تعالى: ﴿واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ﴾. ومن الذي لا يستحق أن يُؤمر بتقوى الله؟ فكل واحد منَّا يستحق أن يؤمر بتقوى الله - عز وجل - والواجب أنه إذا قيل له: اتق الله. أن يزداد خوفاً من الله، وأن يراجع نفسه، وأن ينظر ماذا أمر به، إنه لم يؤمر أن يتقي فلاناً وفلاناً، إنما أمر أن يتقي الله عز وجل، وإذا فسرنا التقوى بأنها اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره، تقرباً إليه ومحبة لثوابه، وترك نواهيه خوفاً من عقابه، فإن أي إنسان يترك واجباً فإنه لم يتق الله، وقد نقص من تقواه بقدر ما حصل منه من المخالفة، فالتقوى مخالفتها تختلف، فقد تكون مخالفتها كفراًًً وقد تكون دون ذلك، فترك الصلاة مثلاً ترتفع به التقوى نهائياً؛ لأن تارك الصلاة كافر، كما دلَّ على ذلك كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأقوال الصحابة رضي الله عنهم، حتى إن بعض العلماء حكى إجماع الصحابة على أن تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً عن الملة، ومنهم التابعي المشهور عبدالله بن شقيق - رحمه الله - حيث قال: ( كان أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة ) (). وكذلك نقل إجماعهم إسحاق بن راهويه، ولم يصح عن أي صحابي أنه قال عن تارك الصلاة: إن تارك الصلاة في الجنة، أو إنه مؤمن، أو ما أشبه ذلك، والزاني لم يتق الله؛ لأنه زنا فخالف أمر الله وعصاه، والسارق لم يتق الله، وشارب الخمر لم يتق الله، والعاق لوالديه لم يتق الله، والقاطع لرحمه لم يتق الله، والأمثلة على هذا كثيرة، فقوله تعالى: ﴿ واتقوا الله ﴾ كلمة عامة شاملة تشمل كل الشريعة ﴿ إن الله سميع عليم ﴾ هذه الجملة تحذير لنا أن نقع فيما نهانا عنه من التقدُّم بين يدي الله ورسوله، أو أن نخالف ما أمر به من تقواه {سميع


الصفحة التالية
Icon