رفاتاً، قال الكافرون: ﴿هذا شيء عجيب أءذا متنا وكنا تراباً ﴾ إذا من المعروف أنها ظرفية، وكل ظرف يحتاج إلى عامل، والعامل محذوف دل عليه ما بعده، والتقدير [﴿أءذا متنا وكنا تراباً ﴾ نرجع ونبعث] ثم قال: ﴿ذلك رجع بعيد ﴾ ولهذا يحسن عند التلاوة أن تقف على قوله: ﴿أءذا متنا وكنا تراباً ﴾ لأن قوله: ﴿ذلك رجع بعيد ﴾ جملة استئنافية لا علاقة لها من حيث الإعراب بما قبلها، والاستفهام هنا بمعنى الإنكار والتكذيب، كأنهم يقولون: لا يمكن أن نرجع ونبعث بعد أن كنا تراباً وعظاماً، ولكن بين الله - عز وجل - أنه قادر على ذلك، فلما قالوا: ﴿ذلك رجع بعيد ﴾ ومرادهم بالبعد هنا الاستحالة، فهم يرون أن ذلك مستحيل، وربما تلطف بعضهم وقال: ﴿ذلك رجع بعيد ﴾ فهم تارة ينكرون إنكاراً مطلقاً، ويقولون هذا محال، وتارة يقولون: هذا بعيد، قال الله تعالى مبيناً قدرته على ذلك: ﴿قد علمنا ما تنقص الأَرض منهم ﴾ الأرض تأكل الإنسان إذا مات، فالله تعالى يعلم ما تنقص الأرض من أجزاء بدنه ذرة بعد ذرة، ولو أكلته الأرض، وقوله: ﴿ما تنقص الأَرض منهم ﴾ قد يفيد أنها لا تأكل كل الجسم وفي ذلك تفصيل، أما الأنبياء فإن الأرض لا تأكلهم مهما داموا في قبورهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء» () وأما غيرهم فقد يبقى الجسم مدة طويلة لا تأكله الأرض إلى ما شاء الله، وقد تأكله الأرض، لكن إذا أكلته الأرض فإنه يبقى عجب الذنب، وعجب الذنب هو عبارة عن الجزء اليسير من العظم بأسفل الظهر، هذا يبقى بإذن الله لا تأكله الأرض كأنه يكون نواة للجسم عند بعثه يوم القيامة، فإنه منه يخلق الآدمي في قبره، فإذا تم النفخ في الصور قاموا من قبورهم لله - عز وجل - وإذا كان الله تعالى عالم بما نقصت الأرض منهم فهو قادر على أن يرد هذا الذي نقصته الأرض عند البعث، ﴿وعندنا ﴾ أي عند الله تعالى ﴿كتاب حفيظ ﴾، أي: حافظ لكل شيء، قال الله