الذي أنكره هؤلاء المكذبون لرسول الله ﷺ، وقالوا: ﴿أءذا متنا وكنا تراباً ذلك رجع بعيد ﴾ فالقادر على خلق هذه المخلوقات العظيمة قادر على إحياء الموتى، ثم يقال: من الذي خلق الإنسان؟ هو الله، وإعادة الخلق أهون من ابتدائه كما قال تعالى:﴿وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ﴾ فإذا كنتم أيها المشركون تقرون بأن الله هو الخالق، وأنه هو الذي خلقكم وأوجدكم، فلماذا تنكرون أن يعيدكم مع أن أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون.
﴿ تبصرةً وذكرى لكل عبد منيب ﴾ يعني أن الله تعالى حثنا على أن ننظر إلى السماء وإلى الأرض، وما يحدث فيهما تبصرة، أي لأجل التبصرة والذكرى، قال العلماء: والفرق بين التبصرة والذكرى أن التبصرة مستمرة، والذكرى عند النسيان، فهذه الآيات تذكرك إذا نسيت، وتبصرك إذا جهلت، وقد يقال: إن الفرق بينهما أن التبصرة في مقابل الجهل، والذكرى في مقابل النسيان، وكلا القولان حق، المهم أنك إذا نظرت إلى السماء وإلى الأرض وما فيهما مما أودعه الله - عز وجل - من النبات فإنك سوف تبصر بقلبك، وتذكر أيضاً إذا نسيت، ولكن لمن هذه التبصرة والذكرى ﴿لكل عبد منيب ﴾، ليست لكل إنسان، ما أكثر ما ينظر الكفار في الآيات، ولكن ما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون، إنما الذي ينتفع بها هم كل عبد منيب، أي: رجاع إلى الله - عز وجل -.
﴿ ونزلنا من السماء ماءً مبركاً فأنبتنا به جنات وحب الحصيد ﴾. يقول - جل وعلا -: ﴿ونزلنا ﴾، لأن المطر ينزل شيئاً فشيئاً، وربما يعبر عنه بأنزل لأنه تجيء به الأودية والشعاب، وقوله: ﴿من السماء ﴾ أي من العلو، لأن هذا المطر ينزل من السحاب وليس من السماء التي هي السقف المحفوظ، بدليل قوله تعالى: ﴿والسحاب المسخر بين السماء والأَرض ﴾، إذن هو ينزل من العلو، والحكمة في إنزاله من العلو ليشمل قمم الجبال ومراتع الإبل، والسهل والأودية، لأنه لو جاء يمشي سيحاً من الأرض ما وصل