قلنا قول الله تبارك وتعالى: ﴿فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ﴾ ولكن احذر إذا رأيت ضالاًّ أن تقول: هذا ليس أهلاً للهداية؛ لأن هناك فرقاً بين القول بالعموم، والقول بالتعيين، فالقول بالتعيين حرام؛ لأنك قد ترى شخصاً ضالاًّ وتقول: هذا لا يهتدي، وإذا به يهديه الله عز وجل، والعكس بالعكس، ربما ترى شخصاً مستقيماً تقول: هذا لا يمكن أن يضل، فإذا به يضله الله، فإياك أن تشهد على معين، لكن حقيقة أنك إذا رأيت ضالاًّ متمرداً مستكبراً عن الحق فإنك بقلبك تستبعد أن الله يهديه، لكن لا تقل: إن الله لا يهديه، ففي سنن أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين، فكان أحدهما يذنب، والآخر مجتهد في العبادة، فكان لايزال المجتهد يرى الآخر على الذنب، فيقول: أقصر. فوجده يوماً على ذنب، فقال له: أقصر. فقال: خلني وربي، أبعثت عليَّ رقيباً؟ فقال: والله لا يغفر الله لك، أو لا يدخلك الجنة، فقبض أرواحهما، فاجتمعا عند رب العالمين، فقال لهذا المجتهد: أكنت بي عالماً، أو كنت على ما في يدي قادراً، وقال للمذنب؟ اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار». قال أبو هريرة: والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبقت دنياه وأخراه (). وفي رواية مسلم: فقال الله تعالى: «من ذا الذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفر لفلان، إني قد غفرت له، وأحبطت عملك» () نسأل الله العافية، لهذا لا تعجب بنفسك، ولا تيأس من رحمة الله فيما يتعلق بك، ولا فيما يتعلق بغيرك، فإن الله تعالى على كل شيء قدير، لكن نعلم على سبيل العموم أن الإنسان إذا لم يكن أهلاً للهداية فإنه لن يهتدي، فإذا رأينا هذا الشخص منحرفاً مستكبراً معانداً فلا شك أنه يغلب على ظننا أنه ليس أهلاً للهداية، لكن ليس لنا أن ننطق بذلك، ويحرم أن ننطق بذلك، ويخشى أن يقال لنا كما قيل لهذا الرجل: قد غفرت له وأحبطت عملك، وهنا