مثل قوله: ﴿وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ﴾. وجاءت أيضاً مجموعة فهي مفردة باعتبار الجنس، ومجموعة باعتبار النوع، و(عيون): جمع عين، وهي الأنهار الجارية، وقد ذكر الله تعالى أنها أربعة أنواع: ﴿أنهار من ماء غير ءاسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ﴾
﴿ءاخذين مآ ءاتهم ربهم ﴾. قوله: ﴿ءاخذين ﴾: حال من الضمير المستتر بالخبر، أي: حال كونهم آخذين ما آتاهم ربهم، أي: ما أعطاهم من النعيم، وهذه الآية كالآية التي في سورة الطور ﴿فكهين بمآ ءاتهم ربهم ﴾، ثم بيَّن السبب الذي وصلوا به إلى هذا، فقال: ﴿إنهم كانوا قبل ذلك محسنين ﴾ يعني في الدنيا محسنين، أي: قائمين بطاعة الله على الوجه الذي يرضاه الله - عز وجل - وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» () هذا الإحسان في العبادة، أما الإحسان في معاملة الخلق، فإنَّ أجمع ما يقال فيه ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام: «من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه» () هذا هو الإحسان إلى الناس، أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، من حسن الخلق، وطلاقة الوجه، وكف الأذى، وبذل الندى إلى غير ذلك مما هو معروف، فهؤلاء محسنون في عبادة الله، ومحسنون إلى عباد الله، ثم ذكر نوعاً من هذا الإحسان فقال: ﴿كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون ﴾. (ما) هنا قيل: إنها زائدة في اللفظ، لكنها زائدة في المعنى، وأن التقدير: كانوا قليلاً يهجعون، أي لا ينامون إلا قليلاً: وماذا يصنعون في هذه اليقظة؟ يصنعون ما ذكره الله تعالى في سورة المزمل: ﴿إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى الليل ونصفه وثلثه وطآئفة من الذين معك ﴾. فهم ليسوا يسهرون على اللهو واللغو، أو يستيقظون على مثله، ولكنهم يقل نومهم