فأول ما دونه من العلوم التفسير، ومن أقدم التفاسير تفسير أبي لعالية رفيع ابن مهران الرياحي (م ٩٠ هـ) الذي رواه الربيع بن انس عنه، ثم تفسير مجاهد ابن جبر (م ١٠١ هـ)، ثم تفسير عطاء بن أبي رياح (م ١١٤ هـ) ثم تفسير محمد ابن كعب القرظي (م ١١٧ هـ) (١).
وانقسمت جماعة المفسرين الى ثلاث مدارس: أولها مفسرو مكة المكرمة.
وهم تلاميذ عبد الله بن عباس رضي الله عنه، جبر هذه الامة، الذي دعا له رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، بقوله: " اللهم علمه الحكمة وتأويل القرآن " (٢).
وثانيتها مفسرو الكوفة.
وهم تلاميذ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، الذي قال: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي حقه: " من أحب أن يقرأ القرآن عضا كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ".
وثالثتها مفسرو والمدينة المنورة، وهم أصحاب زيد بن أسلم العدوي وهذه الطائفة قد لقبت بقدماء المفسرين.
عهد تبع التابعين
وبعد ذلك العصر جاء تبع التابعين، فصرفوا هممهم في جمع ما روي في تفسير الايات عن رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، والصحابة والتابعين، ولم يفرقوا بين المدارس الثلاث التي كانت امتازت في عصر التابعين بروايات مخصوصة، فدونوا علم التفسير في الكتب الصغار والكبار.
وصارت كتبهم أجمع للعلم من الكتب السابقة، واشتهر من بينهم شعبة بن الحجاج (م ١٦٠ هـ)، وسفيان بن سعيد الثوري (م ١٦١ هـ)، ووكيع بن الجراح (م ١٩٧ هـ)، وسفيان بن عيينة (م ١٩٨ هـ)، ويزيد بن هارون (م ٢٠٦ هـ)، واسحق بن راهوية (م ٢٣٨ هـ).
(٢) الاستيعاب ١ / ٣٧٢ وقال: " في بعض الروايات: اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل، وفي حديث آخر: اللهم بارك فيه وانشر منه واجعله من عبادك الصالحين، وفي حديث آخر: اللهم زده علما وفقها - وهي كلها أحاديث صحاح ".
(٣) الاستيعاب ١ / ٣٦٠.
(*)