عقب الله على ذلك بما يسمى بـ " سنة التداول الحضاري " :(ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين * إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس ). وقد عبر بعض علماء الحضارة عن هذه السنة بالدورات الحضارية، ووضعوا لذلك سمات وقوانين حاولوا تطبيقها على الحضارات الإنسانية فى التاريخ.. وقد صح شىء من ذلك على الحضارة الإسلامية، وعز شىء آخر عن الخضوع لحساباتهم فى سنة التداول الحضارى أو الدورات الحضارية، لأن الأمة المسلمة لم تمت، والحضارة الإسلامية تجددت وتتجدد دائما.. عندما أنظر إلى تواريخ العالم فى الشرق والغرب، أجد أن الإمبراطوريات والدول كأنها تشبه البشر، لأن لها أعمارا تنتهى إليها.. صحيح أن الحضارة ظهرت فى الشرق الأوسط، ويبدو أن هذا هو السر فى أن أغلب النبوات فى الشرق الأوسط، لأن ازدهار الملكات الإنسانية كانت فى حضارة مصر والشام والعراق وجنوب أوروبا فى اليونان وإيطاليا، أى حوض البحر المتوسط تقريبا.. وصحيح أن هناك حضارات كانت فى الهند والصين، لكن لا أدرى، لأن هذه الحضارات التى كانت فى أطراف العالم، كأنها كانت محلية أو ما رأيت أنها بلغت فى النمو العقلى ما بلغته حضارة الشرق الأوسط.. هذا كله نوع من الحدس. لكن الذى ظهر لى هو أن الحضارة أشرقت من مصر ثم انطفأت.. وأشرقت من اليونان ثم انطفأت.. وأشرقت من الرومان ثم انطفأت.. وأشرقت من بلاد العرب بالإسلام ثم خبت. وبعد هذا يوجد الآن تحول حضارى يقولون إنه سيجعل الحضارة تشرق من جنوبى آسيا وشرقيها : اليابان والبلاد التى تقترب منها. ويخيل إلى أن الذين يرون هذا يؤمنون بالحضارة المادية فقط، لأن التقدم المادى الآن فى اليابان، وتايوان، وكوريا، وغيرها من بلاد جنوب شرقى آسيا يكاد يضارع أوروبا وأمريكا، وينافسها فى أسواقها الداخلية.. لكن أعتقد أن العالم قد تكون له عند الله مكانة تجعله سبحانه وتعالى لا يربط كرامة البشر