الإنسان أثرها الفاعل فى كل زمان ومكان حيث يسلط الله الظالمين بعضهم على بعض، وتكون بذلك فرصة لنجاة المستضعفين ونمو الخير، وحماية أهله.. ولعل هذا الذى حمل بعض المفسرين إلى القول: بأنه فى غياب العدل والحكم الإسلامى لا يمكن أن يسلط الله ص _١٢٩
على البشرية ظالما واحدا يتحكم بها بل يوجد دائما أكثر من ظالم، ومن خلال مواجهتهم وصراعهم تتحقق فرص النهوض والبناء الحضارى.. فإذا أحسن المسلم اليوم التعامل مع سنن المدافعة، يمكن أن يحقق كسبا وإنجازا هاما للقضية الإسلامية، على الرغم من الضعف والتبعثر.. والحكمة هنا فى التحرك هى؟ حسن اختيار الموقع الفاعل.. فكيف يمكن أن يستفيد المسلمون من سنة المدافعة حتى تستمر حياتهم حينما لا تكون الغلبة لهم، ولا تكون الحضارة لهم، فى مثل حالنا اليوم؟ وهل من شواهد قرآنية موضحة؟ حينما أتأمل فى قوله تعالى: ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ) أشعر بأمرين: الأمر الأول: أن الاختبار الإلهى ليست له صورة محددة.. فصوره كثيرة متعددة.. وعلى الإنسان أن يكون على استعداد دائم لكى يتحمل تبعات الدفاع عن معتقده وعن سيرته ومسلكه وقيمه.. لكن كيف سيكون لون هذا الاختبار؟ لا ندرى.. الأمر الثانى: أن هذا التدافع هو طبيعة الحياة الفردية والاجتماعية، بمعنى أنه فى داخل الجسم البشرى، تفرض المناعة نفسها عندما تدخل جراثيم غازية، ويبدأ القتال حتى يبقى الجسم حيا.. الحياة الإنسانية، لابد فيها من هذا التدافع. هذا اللون من التدافع.. ربما تنشط أجهزة الإيمان وتتحرك فيه قواه الداخلية إذا كانت فاترة عندما يشعر بالتحدى، ويكون هذا سببا فى إمداده بحياة جديدة.. وهنا سنن الله الكونية التى يجب أن يخضع لها المؤمنون والكافرون: أن الحياة فيها هذا التصادم المستمر بين قوى ومبادئ مختلفة.. وهكذا الحياة.. يحاول الكفر أن يفرض نفسه، فتنشط قوى الإيمان لكى تبقى.. فيبقى الإيمان بعد أن نمت قواه بضغط


الصفحة التالية
Icon