هذا لابد منه لتحقيق عمارة الأرض واستخلاف الإنسان وغير ذلك.. لكن تسميتى لهذا القانون: بقانون التسخير، كانت حتى يلتفت المسلمون لما ورد فى القرآن من قوانين لإدراك كنه هذه القوانين.. لا بأس.. ملحظ يجعل المسلمين، وهم الآن مُسخرون فى الأرض، أن يعلموا أن الله سخر لهم الشمس والقمر، فلا يجوز أن يكونوا آلات بالطريقة التى يعيشون بها.. هناك قضية لم تحظ بالدراسات المتوازنة فى نظرى، وهى العلاقة بين البعد الإيمانى، والسنن التى تحكم عالم الشهادة، ودور البعد الإيمانى فى الهداية إلى هذه السنن، والتفاعل الذى يحدثه الإيمان بين هداية السماء، واستجابة الأرض لتحقيق الشهود الحضارى، وربط نتائج ذلك بقضية الإيمان.. إن اكتشاف انتظام هذه القوانين، وعملها، يقود إلى الإيمان بالله، والاستدلال بالأمور المادية والسنن الكونية على الأمور النفسية والإيمانية. ودور الإيمان فى التنبه لهذه السنن، وإعمالها، وما يهب الإيمان والتقوى الفرد المسلم من استعدادات تدفعه إلى الإنجاز، ولا تقعد به عاطلا عن التعامل مع هذه السنن. أقصد أن العلاقة بين البعد الإيمانى والإنجاز الحضارى، تحتاج إلى مزيد من النظر والتأمل.. لذلك رأينا بعض المدارس الحديثة التى تتعامل مع المادة فقط، تقرر: أنه لابد من إعادة صياغة المعادلة النفسية والاجتماعية للأمة، حتى تصبح قابلة للتطور والإنجاز التكنولوجى، لأن التكنولوجيا تأتى ثمرة لفلسفة، وعقيدة، ومعادلة نفسية معينة، وبالتالى فلا يمكن أن تتطور فى مجتمع عقيدته تغايرأو تختلف عن مجتمع نشوئها.. لقد ربط القرآن كثيرا من النتائج المتحصلة من إعمال هذه السنن بالتقوى.. فمثلا: ربط بين التقوى وما تؤدى إليه من بصيرة فى النظر للأمور، والحكم عليها بالحق والباطل، والصواب والخطأ.. يقول تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم) ص _١٣٤


الصفحة التالية
Icon