يطوع نصوص القرآن بعصرانية مفتعلة!! وفى هذا الصدد نود أن نشير إلى أن شروط الوعى المنهجى المعاصر، الذى نلمس بعضا من دلالاته فى هذه المدارسة، لا يتم بمجرد الانتماء الزمانى لهذا ص _٠٠٨
العصر، دون انتماء مكانى، فالنمو والتطور ليس مجرد تراكم كمى لمستجدات معاصرة، تضاف أو تلحق ببناء المجتمع القديم، وإنما هو تحول كيفى فى بنية المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والفكرية، تستدعى تواصلا جديدا مع القرآن، وبشروط وعى جديد، يكونها هذا الواقع المستجد، فمفهوم المعاصرة، أو المجتمع المعاصر، لا يعنى استمرار المجتمع القديم بأزمته الفكرية فى مرحلة زمنية متقدمة، وإنما يعنى ما يصيب هذا المجتمع من تحول تاريخى، يستحق بموجبه صفة المعاصرة، وفق مقاييسها الموضوعية العالمية الراهنة، التى تمكنه من إعادة وجوده، وفى ذلك إعادة اكتشاف المعنى القرآنى نفسه فى واقع متغير، وعلى هذا الأساس فإن الكثير من مجتمعاتنا العربية والإسلامية قد ترى نفسها معاصرة للعالم بالقياس الزمنى، أى لأنها موجودة فى نطاق هذا العصر، ولكنها لا تعيش فى الواقع حالة عصرية، تنفتح بموجبها على شروط الوعى الحضارى العالمى الجديد، بما فيه من عقلية نقدية وتحليلية، وتطلع إلى ضبط المعرفة بالمنهج ومعالجة مشكلات العصر. إنه نتيجة لهذا الفصام ما بين وجود المجتمعات العربية والإسلامية اليوم بأزمتها الفكرية التاريخية، وانغلاقها وانشدادها إلى الماضى، وكونها تعيش فى حقبة الزمن العالمى المعاصر، أعطاها ذلك شعورا بالمعاصرة من جهة، مع عجزها عن التفاعل المكانى، والزمانى الذى يؤهلها لاكتشاف شروط الوعى العالمى المعاصر من جهة أخرى، ولذلك نجد أن بعض القيادات الفكرية لهذه المجتمعات لا تزال تعيد التأليف فى فكر الواقع التاريخى وحده، وتحاول إعادة إنتاج مراحل سابقة فى مراحل لاحقة دون اكتشاف مضمون المتغير العالمى تاريخيا واجتماعيا، إنها تكتفى بترديد موضوعات السلف الصالح ـ رضوان