صفحة رقم ١٠٨
دعا به ربه أو ثناء أثنى به عليه ؛ وتطلق الكلمة أيضاً على إمضاء أمر الله من غير تسبيب حكمة ولا ترتيب حكم - قاله الحرالي ثم قال : في عطف الفاء في هذه الآية إشعار بما استند إليه التلقي من تنبيه قلب آدم وتوفيقه مما أثبته له إمساك حقيقته عند ربه، ويعاضد معناه رفع الكلمات وتلقيها آدم في إحدى القراءتين، فكأنه تلقى الكلمات بما في باطنه فتلقته الكلمات بما أقبل بها عليه فكان مستحقاً لها، فكانت متلقية له بما جمعت القراءتان من المعنى ) فتاب ( من التوب وهو رجوع بظاهر باطنه الإنابة وهو رجوع بعلم باطنه الأوبة وهو رجوع بتقوى قلب - انتهى.
) عليه ( لذكره إياه بالكلمات مخلصاً في نيته، ثم علل بقوله ) إنه هو ) أي خاصة ) التواب ) أي البليغ التوبة المكرر لها، ولما كان قد جعل على نفسه المقدس أن يتفضل على المحسن قال :( الرحيم ) أي لمن أحسن الرجوع إليه وأهله لقربه.
قال الحرالي : وكان إقراره بلفظه أدباً وإذعاناً لقيام حجة الله على عباده بما أنبأ عنه من قوله :
٧٧ ( ) ربنا ظلمنا أنفسنا ( ) ٧
[ الأعراف : ٢٣ ] الآية، وهذه توبة قلب وعمل لا ينقص مخصوص حال القلب منها ناقض وهي التوبة النصوح التي تبرئ من الذنب بتحقيق توحيد القلب وتوجب تكفير الخطايا الظاهرة التي لا أصل لها في القلب من حجاب دعوى في الأفعال وشرك في امر الله، فبمقتضى ما في باطنه ظهر فيه اسمه الرحيم الذي هو من الرحمة وهو اختصاص فضله بالمؤمن، وبمقتضى ما ظهر عليه من الضراعة والإقرار ظهر فيه مقتضى اسمه التواب ؛ فجمعت توبته الأمرين - انتهى.
ولما أعلموا بالعداوة اللازمة كان كأنه قيل : فما وجه الخلاص منها ؟ فقيل : اتباع شرعنا المشروع للتوبة والرحمة فإنا ) قلنا ( كما تقدم ) اهبطوا ( ولما كان الهبوط الماضي يحتمل أن يكون من مكان من الجنة إلى أدنى منه ولم يخرجوا منها فكرره هنا للتأكيد تصويراً لشؤم المعصية وتبشيعاً لها قال :( منها ) أي الجنة ) جميعاً ) أي لا يتخلف منكم أحد سواء كان ذلك قِران واحد أو على التعاقب، وعهدنا إليهم عند الهبوط إلى دار التكليف أنا نأتيهم بالهدى ليؤديهم إلى الجنة مرة أخرى واعدين من اتبع متوعدين من امتنع فقلنا :( فإما يأتينكم (، وقال الحرالي : مورد هذه الآية بغير عطف إشعار بأن ظاهرها افتتاح لم يتقدمه إيجاء بباطن كما تقدم في السابقة، وتكرر الإهباطان