صفحة رقم ١١٧
موتهم وبعثهم مما رضوا به و اطمأنوا إليه وآثروه من دنياهم، فمتوجهه للمطمئن بدنيا المعرض عن داعيه إلى اجتناب ما هو عليه يسمى زجراً، ومتوجهه للمتلفّت المستشعر ببعض الخلل فيما هو عليه يسمى نهياً، وهما يجتمعان في معنى واحد ومقصود واحد إلا أنه متفاوت، ولذلك رددهما النبي ( ﷺ ) على المعنى الجامع في هذا الحديث يعني المذكور أول البقرة، وأولاهما بالبدئية في الإنزال الزجر لأن النبي ( ﷺ ) إنما بعثه اللح حين انتهى الضلال المبين في الخلق ونظر الله سبحانه إلى جميع أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب، كما ورد في الحديث الصحيح إسناداً ومتناً، ولذلك كان أول منزل الرسالة سورة
٧٧ ( ) يا أيها المدثر قم فانذر وربك فكبر وثيابك فطهر والزجر فاهجر ( ) ٧
[ المدثر : ١ - ٥ ] وهي أول قوارع الأمر كما أن فجاءة الساعة أول قوارع الخلق، ولذلك انتظم فكرهما في قوله تعالى :
٧٧ ( ) فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير ( ) ٧
[ المدثر : ٨ - ١٠ ] وللمزجور حالان إما أن ينفر عند الزجرة توحشاً كما قال تعالى :
٧٧ ( ) كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة ( ) ٧
[ المدثر : ٥٠ - ٥١ ] وإما أن يدبر بعد فكره تكبراً كما قال تعالى :
٧٧ ( ) ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر ( ) ٧
[ المدثر : ٢١ - ٢٣ ] وربما شارف أن يبصر فصرف، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لكنها عقول كادها باريها
٧٧ ( ) سأصرف آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها ( ) ٧
[ الأعراف : ١٤٦ ] صرفوا عن آيات الحق السماوية على ظهورها عقوبة على ذنب تكبرهم على الخلق مع الإحساس بظهور آية انضمام الأرحام في وضوحها وكل قارعة لنوعي الكافرين النافرين والمدبرين من هذا الحرف وتمام هذا المعنى ينهى المتأنس المحاصر عن الفواحش الظاهرة والباطنة الضارة في العقبى وإن تضرروا بتركها في الدنيا نحو قوله تعالى :( ولا تقربوا ( في أكل مال اليتيم والزنا وإتيان الحائض - إلى ما دون ذلك من النهي عما يعدونه في دنياهم كيساً، نحو قوله :
٧٧ ( ) ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ( ) ٧
[ البقرة : ١٨٨ ]
٧٧ ( ) ولا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة ( ) ٧
[ آل عمران : ١٣ ]
٧٧ ( ) ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً ( ) ٧
[ الحجرات : ١٢ ] و
٧٧ ( ) لا يسخر قوم من قوم ( ) ٧
[ الحجرات : ١١ ] وما لحق بهذا النمط - إلى ما دون ذلك على اتصال التفاوت من النهي عن سوء التأويل لطية غرض النفس نحو قوله تعالى :
٧٧ ( ) ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا ( ) ٧
[ النساء : ٩٤ ] إلى ما دون ذلك من النهي عما يقدح في الفضل وإن كان من حكم العدل نحو قوله تعالى :
٧٧ ( ) ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة


الصفحة التالية
Icon