صفحة رقم ١٢٠
تيسر عليه قراءة حرفي صلاح الآخرة من الأمر والنهي، ولما اقتضت الحكمة والعلم إقامة أمر الدنيا بقراءة حرفي صلاحها تماماً اقتضى الإيمان بالغيب وتصديق الوعد والوعيد تجارة اشتراء الغيب الموعود من عظيم خلاق الأخرى بما ملك العبد من منقود متاع الدنيا، فكل الحلال ما عدا الكفاف بالسنة متجر للعبد، إن أنفقه ربحه وأبقاه فقدم عليه، وإن استمتع به أفناه فندم عليه
٧٧ ( ) فاستمعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم ( ) ٧
[ التوبة : ٦٩ ]
٧٧ ( ) لولا أخّرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ( ) ٧
[ المنافقون : ١٠ ]
٧٧ ( ) لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ( ) ٧
[ آل عمران : ٩٢ ] ذلك مال رابح ذلك مال رابح، وكما أن حرف الحلال موسع ليحصل به الشكر فحرف النهي مضيق لمتسع حرف الحلال ليحصل به الصبر ليكون به العبد شاكراً صابراً، فالذي يحصل به قراءة حرفي النهي أما من جهة القلب ورؤيا الفؤاد فمشاهدة البصيرة لموعود الجزاء حتى كأنه ينظر إليه لترتاح النفس بخيره وترتاع من شره، كما قال حارثة :( كأني أنظر إلى أهل الجنة في الجنة ينعمون وإلى أهل النار في النار يعذبون ) فأثمر له ذلك ما أحبر به عن نفسه في قوله :( وعزفت نفسي عن الدنيا فاستوى عندي ذهبها وخزفها ) وخصوصاً من أيد بالمبشرات من الرؤيا الصالحة والكشف الصادق ليدع الفاني للباقي على يقين ومشاهدة، وأما من جهة حال النفس فالصبر بحبسها عما تشتهيه طبعاً مما هو محلل لها شرعاً، قال رسول الله ( ﷺ ) لعمر رضي الله عنه لما رثى لحاله :( أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة ؟ )
٧٧ ( ) واستعينوا بالصبر ( ) ٧