صفحة رقم ١٤٠
ذلك بكونه لم يكن عن عمل حرث ولا معاملة مع خلق - انتهى.
) ما رزقناكم ) أي على عظمتنا التي لا تضاهى.
ولما لم يرعوا هذه النعم أعرض عنهم للإيذان باستحقاق الغضب.
وقال الحرالي : ثم أعرض بالخطاب عنهم وأقبل به على محمد ( ﷺ ) ومن معه - انتهى.
فقال ) وما ) أي فظلموا بأن كفروا هذه النعم كلها وما ) ظلمونا ( بشيء من ذلك ) ولكن كانوا ) أي جبلة وطبعاً ) أنفسهم ) أي خاصة ) يظلمون ( لأن ضرر ذلك مقصور عليهم.
قال الحرالي : وفيه إشعار بتحذير هؤلاء أن يروا نحواً مما رأوا فينالهم نحو مما نالوه، لأن قصص القرآن ليس مقصوده مقصوراً على ذكر الأولين فقط بل كل قصة منه إنما ذكرت لما يلحق هذه الأمة في أمد يومها من شبه أحوال من قص عليهم قصصه - انتهى.
ولما كان كل من ظل الغمام ولزوم طعام واحد غير مألوف لهم مع كونه نعمة دنيوية وكان المألوف أحب إلى النفوس تلاه بالتذكير بنعمة مألوفة من الاستظلال بالأبنية والأكل مما يشتهى مقرونة بنعمة دينية.
وقال الحرالي : لما ذكر تعالى عظيم فضله عليهم في حال استحقاق عقوبتهم في تظليل الغمام وإنزال المن والسلوى وهو مبتدأ أمر تيههم حين أبوا أن يقاتلوا الجبارين نظم به آخر أمر تيههم بعد وفاة موسى وهارون عليهما السلام حين دخولهم مع يوشع عليه السلام وما أمروا به من دخول البلد المقدس متذللين بالسجود الذي هو أخص رتب العبادة وكمال عمل العامل ودنو من الحق - انتهى.
فقال تعالى ) وإذ قلنا ) أي لكم ) ادخلوا هذه القرية ( إشارة إلى نعمة النصر.
قال الحرالي : الدخول الولوج في الشيء بالكلية حساً بالجسم ومعنى بالنظر والرأي، والقرية من القرى وهو الجمع للمصالح التي بها يحصل قوام الدنيا لقرى أهل الدنيا والتي تجمع مصالح أهل الآخرة، لقرى أهل الآخرة، قال عليه السلام :( أُمرت بقرية تأكل القرى ) باستيطانها كأنها تستقري القرى تجمعها إليها، وقد تناوبت الياء والهمزة


الصفحة التالية
Icon