صفحة رقم ١٤٦
المفعل اسم مصدر ثان مشتق من مطلق الشرب أو اسم محل يلزمه التكرار عليه والتردد، فجعل سبحانه سقياهم آية من آياته في عصاه، كما كانت آيته في عصاه على عدوه الكافر، فكان فيها نقمة ورحمة ؛ وظهر بذلك كمال تمليكه تعالى لمحمد ( ﷺ ) حين كان ينبع من بين أصابعه الماء غنياً في نبوعه عن آلة ضرب أو حجر، وتمليك الماء من أعظم التمكين، لأنه تمكين فيما هو بزر كل شيء ومنه كل حي وفيه كل مجعول ومصور - انتهى.
يعني أن هذه الخارقة دون ما نبع للنبي ( ﷺ ) من الماء من بين أصابعه، ودون ما نبع بوضع أصحابه سهماً من سهامه في بئر الحديبية وقد كانت لا ماء فيها، ونحو ذلك كثير.
ولما كان السياق للامتنان وكان الإيجاد لا تستلزم التحليل للتناول قال زيادة على ما في الأعراف ممتناً عليهم بنعمة الإحلال بعد الإيجاد على تقدير القول لأنه معلوم تقديره ) كلوا واشربوا من رزق الله ) أي الذي رزقكموه من له الكمال كله من غير كد ولا نصب.
قال الحرالي : لما لم يكن في مأكلهم ومشربهم جرى العادة حكمته في الأرض فكان من غيب فأضيف ذكره لاسم الله الذي هو غيب ) ولا تعثوا ( من العثو وهو أشد الفساد وكذلك العثي إلا أنه يشعر هذا التقابل بين الواو والياء، إن العثو إفساد أهل القوى بالسطوة والعثى إفساد أهل المكر بالحيلة - انتهى.
) في الأرض ) أي عامة، لأن من أفسد في شيء منها بالفعل فقد أفسد فيها كلها بالقوة.
واتباع ما معناه الفساد قوله ) مفسدين ( دليل على أن المعنى ولا تسرعوا إلى فعل ما يكون فساداً قاصدين به