صفحة رقم ١٥١
وقال في السفر الثاني عند ذكر الإنعام عليهم باستنقاذهم من أيدي القبط بتلك الآيات العظيمة التي ستشرح إن شاء الله تعالى في سورة الأعراف فقال موسى للشعب : اذكروا هذا اليوم الذي خرجتم فيه من مصر من العبودية والرق، لأن الرب أخرجكم من ههنا بيد منيعة فلا يؤكل الخمير في هذا اليوم وهو ذا أنتم خارجون في شهر الفقاخ - وفي نسخة : الفريك - فإذا أدخلكم الرب إلى أرض الكنعانيين والحيثانيين والأمورانيين والجاوانيين واليابسانيين والفرزانيين كالذي أقسم لآبائكم أن يعطيكم الأرض التي تغل السمن والعسل، تعملون هذا العمل في هذا الشهر، كلوا الفطير سبعة أيام ولا يوجدن الخمير عندكم ؛ وتعلمون أبناءكم في ذلك اليوم وتقولون لهم إن الله فعل بنا هذا الفعل إذ أخرجنا من أرض مصر، وليكن ذلك آية على يدك وعلامة بين عينيك لتكون سنة الرب وشريعته على لسانك لأن الرب أخرجك من مصر بيد عزيزة منيعة واحتفظ بهذا وهذه الوصية من سنة إلى سنة في وقته، وإذا أدخلك الرب إلى أرض الكنعانيين التي أقسم لك ولآبائك أن يعطيكها فميز كل ذكر بفتح الرحم للرب وكل ذكر من البهائم التي تكون لك يفتح الرحم يكون خاصة للرب تفتديه بحمل، فإن لم تفتده فاذبحه، وتفتدي كل بكر ذكر من أولادك، فإذا سألك ابنك غداً وقال لك : ما هذا العمل ؟ فقل : إن الرب أخرجنا من أرض مصر من العبودية والرق بيد منيعة عزيزة، لأن فرعون قسا وفظَّ وأبى أن يرسلنا، فقتل الرب جميع أبكار أرض مصر من بكر البشر إلى بكر البهائم، فمن أجل ذلك أذبح للرب كل ذكر بفتح الرحم وأفتدي جميع أبكار ولدي، فيكون ذلك علامة على يدك وذكراً بين عينيك، لأن الرب أخرجك من مصر بيد منيعة عزيزة.
فلما أرسل فرعون الشعب وانطلقوا لم يرسلهم الله تعالى في طريق أرض فلسطين، لأنه كان قريباً ولأن الله قال : لعل الشعب إذا ما عاينوا القتال أن يخافوا ويرهبوا فيرجعوا إلى مصر، فساس الله الشعب في طريق برية بحر سوف، وخرج بنو إسرائيل من أرض مصر وهم متسلحون، وحمل موسى عليه السلام عظام يوسف عليه السلام معه، لأنه أقسم على بني إسرائيل بأيمان وقال : إن الله سيذكركم فأصعدوا عظامي معكم من ههنا، فظعنوا من ساحوت ونزلوا آثام التي في أقطار البرية، وكان الرب يسير أمامهم بالنهار في عمود السحاب ليسكنهم في الطريق وبالليل في عمود نار ليضيء لهم وكان يسير أمامهم بالليل والنهار، ولم يكن عمود الغمام يزول بالنهار وعمود النار بالليل من بين يدي الشعب، وكلم الرب موسى وقال له : قل لآل إسرائيل أن يرجعوا فينزلوا على شاطئ الخندق وما بين مغرول والبحر أمام بعلصفون، انزلوا هناك إزاء البحر حتى يقول فرعون إن بني إسرائيل غرباء في الأرض، فيظن أنهم قد تاهوا في القفر وأن البر قد انغلق عليهم ؛ وقال