صفحة رقم ١٥٥
ويصيرون منه مليلاً ويصيّر طعمه مثل طعم الخبز الذي يعجن دقيقه بالزيت.
رجع إلى الثاني قال : فأكل بنو إسرائيل المن أربعين سنة ولم يزالوا يأكلون المن حتى انتهوا إلى أقطار الأرض ذات السكنى وحتى انتهوا إلى أقطار أرض كنعان، وكان ذلك المكيال عشر جريب أي عشر ويبة، وإن جماعة بني إسرائيلظعنوا من برية سينين في مظاعنهم كما أمر الرب فوردوا رفيدين ولم يكن للشعب ماء يشربون، فضج الشعب على موسى وقالوا له : أعطنا ماء لنشرب، فقال : ما بالكم تضجون وكم تجربون الرب ؟ واشتد عطش الشعب هناك فتذمّروا على موسى وقالوا له : لم أصعدتنا من أرض مصر لتقتلنا وأبناءنا ومواشينا بالعطش ؟ فصلى موسى أمام الرب وقال : ما أصنع بهذا الشعب ؟ إنهم كادوا أن يرجموني، فقال الرب لموسى : جُز قدام الشعب وانطلق ببعض أشياخ بني إسرائيل والعصا التي ضربت بها البحر ففلقته، خذها بيدك وانطلق وها أنا ذا واقفاً بين يديك على حجر الظِرّان بَحوْرِيب فاضرب عند ذلك الظران فيخرج الماء ويشرب الشعب، فصنع موسى هذا الصنيع بين أشياخ بني إسرائيل، فسمى ذلك الموضع التجري والتذمر، لأن بني إسرائيل تنازعوا واصطخبوا ولأنهم جربوا الله وقالوا : هل الله بيننا أم لا ؟ ولما كان في الشهر الثالث بعد خروج بني إسرائيل من مصر انتهوا إلى برية سيناء إذ ظعنوا من رفيدين فأتوا برية سيناء وحل هناك إسرائيل قبالة الجبل، فصعد موسى إلى الجبل فدعاه الله من الجبل وقال : هكذا قل لآل يعقوب : قد رأيتم ما صنعت بالمصريين وحملتكم كأنكم على أجنحة النسور وأقبلت بكم إليّ، فإن أنتم الآن أطعتم قولي وحفظتم عهدي فأنتم أحبّ إليّ من جميع شعوب الأرض، فأتى موسى فدعا بأشياخ الشعب فقص عليهم جميع هذه الآيات التي أمره بها الرب، فأجاب الشعب كلهم جميعاً وقالوا : نحن فاعلون جميع ما أمرنا به الرب، فرد موسى جواب الشعب على الرب فقال الرب لموسى : ها أنا ذا مناجيك في سحابة مظلمة لكي يسمع الشعب كلامي إذا كلمتك فيقبلوا كلامك ويصدقوك إلى الأبد، فقال الرب لموسى : انطلق إلى الشعب وطهرهم اليوم وغداً وليبيضوا ثيابهم ويرحضوها وليستعدوا في اليوم الثالث فناشد الشعب وتقدم إليهم وقل لهم : احذروا أن تصعدوا إلى الجبل ولا تقربوا إلى حافاته، ومن دنا من الجبل فليقتل ولا تصيبه أيدي الناس بل يرجم رجماً ويقذف به غلى أسفل به بهيمة كان أو إنساناً، فإذا صمتت أصوات القرون فأنتم في حل من الصعود إلى الجبل، فهبط موسى من الجبل إلى الشعب فطهر الشعب وبيضوا ثيابهم، وقال موسى للشعب : كونوا مستعدين في اليوم الثالث، لا تقتربن إلى امرأة، فلما كان في اليوم الثالث باكروا غلساً، فإذا هم بأصوات قرون وبروق وإذا هم أيضاً بسحابة عظيمة قد حلت على