صفحة رقم ١٥٩
شعب عظيم، فصلى موسى بين يدي الإله وقال : كلا يا رب لا يشتد غضبك على شعبك الذين أخرجتم من مصر بقوتك المنيعة وبذراعك العلية الرفيعة ولا يقول أهل مصر : إنك إنما أخرجتهم لهلاكهم لتقتلهم بين الجبال وتستأصل شأفتهم وتبيد خضراءهم عن جديد الأرض يا رب ليسكن غضبك ورجزك واغفر ذنب شعبك اذكر إبراهيم وإسحاق ويعقوب عبيدك والأيمان التي أقسمت بها لهم وقلت : إني مكثر نسلكم مثل نجوم السماء وجميع الأرض التي وعدت بها نسلهم أن تعطيهموها فيرثوها إلى الأبد ؛ فعفا الرب عن شعبه ولم ينزل بهم الشر، فنزل موسى وهبط من الجبل ولَوحا الشهادة في يده لَوْحان كتب عليهما في الوجهين جميعاً واللوحان من عمل الله جل ثناؤه وخط الله مكتوب عليهما، فلما دنا من العسكر نظر العجل والصنوج فاشتد غضب موسى فرمى باللوحين منْ يده فكسرهما في سفح الجبل، ثم أخذ العجل الذي اتخذوه فأحرقه بالنار وسحله بالمبرد حتى صيره مثل التراب ونثر سحالته على وجه الماء، فوقف موسى على الباب قبة الزمان وقال : من كان من حزب الله فليقل إليّ، فانحاز إليه بنو لاوى بأجمعهم فقال لهم موسى : هكذا يقول الرب إله إسرائيل ليتقلد المرء منكم سيفه وجوزوا من باب إلى باب وجولوا العسكر وليقتل المرء منكم أخاه وصاحبه وقرابته، فصنع بنو لاوى كما أمرهم موسى، فقتل من الشعب في ذلك اليوم نحو من ثلاثة آلاف رجل فقال لهم موسى : كفوا أيديكم يومكم هذا من الحمية للرب لتحل عليكم البركة يومنا هذا، فلما كان الغد من ذلك اليوم قال موسى للشعب : أنتم خطئتم وارتكبتم هذه الخطيئة العظيمة فأما الآن فإني أصعد إلى الرب لعله أن يغفر لكم ذنوبكم وإثمكم، فرجع موسى إلى الرب وقال : أطلب إليك بالتضرع اللهم ربي حقاً لقد أخطأ هذا الشعب وارتكب إثماً عظيماً واتخذوا آلهة من ذهب، فالآن إن أنت غفرت خطاياهم وإلا فامحني من سفرك الذي كتبت، فقال الرب : أنا أمحو من سفري من أخطأ وأذنب، فأما الآن فانطلق بهذا الشعب إلى الموضع الذي أقول لك وهذا ملاكي ينطلق أمامك إلى الأرض التي تغل السمن والعسل، لأني لا اصعد معكم ؛ لأنهم شعب قاسية رقابهم ولعل غضبي أن يشتد عليهم فأقتلهم في الطريق، فسمع الشعب هذا القول الفظيع فحزنوا، فلم يتسلح المرء منهم بسلاحه، فأخذ موسى خيمته فنصبها خارجاً من العسكر وأبعدها من المحلة وسماها قبة الزمان، وكان من سأل الرب أمراً يخرج إلى قبة الزمان، وكان إذا خرج موسى إلى قبة الزمان كان جميع الشعب يقفون ويستعد كل امرئ منهم على باب خيمته ينظرون إلى موسى من خلفه حتى يدخل إلى القبة، وإذا دخل موسى إلى القبة كان ينزل عمود السحاب فيقف على باب القبة ويكلم موسى، وكان جميع الشعب ينظرون إلى


الصفحة التالية
Icon