صفحة رقم ١٦٣
رب إليّ ألوف بني إسرائيل، فتذمر الشعب وساء الرب ذلك وغضب وسمع توشوشهم فاشتد غضبه عليهم واشتعلت فيهم نار من قبل الرب، فأحرقت الذي في أطراف العسكر وحوله، وضج الشعب على موسى فصلى موسى أمام الرب وخمدت النار، ودعا اسم ذلك الموضع الاحتراق، لأن نار الرب اشتعلت فيهم وأحرقتهم هناك، واشتهى الخلط الذين كانوا فيهم من الشعوب شهوة وأقبلوا على بني إسرائيل وقالوا : ليت أنا وجدنا من يطعمنا لحماً ذكرنا السمك الذي كنا نأكله بمصر وأكلنا القثاء والبطيخ والكراث والبصل والثوم والآن أنفسنا قرمة - أي يابسة - لا تقدر على شيء نأكله ما خلا هذا المن الذي قدام أعيننا، وسمع موسى الشعب يبكون في قبائلهم، كل إنسان على باب خيمته، واشتد غضب الرب، وشق ذلك على موسى أيضاً، ثم قال من أين أقدر أعطي هذه الأمة كلها لحماً ؟ إنها تبكي عليّ وتقول : أعطنا لحماً، لست أقدر أحتمل هذه الأمة كلها وحدي، لأنها أقوى مني، إن كان فعلك هذا بي فاقتلني قتلاً إن وافيت منك رحمة ولا أعاين شراً ولا أرى سوء.
فقال الرب لموسى : اجمع سبعين شيخاً من أشياخ بني إسرائيل الذين تعلم أنهم رؤساء الشعب وكتّابه وانطلق بهم إلى قبّة الزمان فإني أنزل إليك وأكلمك هناك وأنقص من عطية الروح التي عليك وأصيره عليهم ليحملوا أثقل هذا الشعب ولا يتركوك وحدك، ثم قال موسى للشعب : تهيؤوا غداً لتأكلوا لحماً، لأنكم بكيتم أمام الرب وقلتم : ليت من يطعمنا لحماً وإن الموت بأرض مصر خير لنا، فسيعطيكم الرب لحماً وليس إنما تأكلون منه يوماً أو يومين بل تأكلون منه شهراً حتى يخرج من أنوفكم وتصيبكم منه تخمة، وجمع سبعين شيخاً من مشايخ الشعب وأقامهم حول الخباء، ونزل الرب سبحانه وكلمه وأخذ من الروح الذي عليه وصيره على السبعين، ودخل موسى العسكر هو وأشياخ بني إسرائيل، وهبت ريح من قبل الرب وأصعدت السلوى من البحور وألقته على العسكر ومسيرة يوم يمنة ويسرة حول العسكر وكان مرتفعاً من الأرض نحو ذراعين، وجمعوا ونشروا حول العسكر ليكون لهم قديداً، فبينا اللحم بين أسنانهم قبل أن ينقلع اشتد غضب الرب عليهم وضرب الشعب ضربة عظيمة جداً ودعا اسم ذلك الموضع قبور الشهوة، وارتحل الشعب من قبور الشهوة فأتوا حصروث ونزلوها، وذكر أنهم مكثوا هنالك سبعة أيام ثم قال : ثم ارتحل الشعب من حصروث ونزلوا مفازة فاران وكلم الرب موسى وقال له : أرسل قوماً يُحسبون الأرض التي أعطى بني إسرائيل - فذكر إرسال النقباء الاثني عشر كما سيأتي إن شاء الله تعالى في سورة المائدة ثم قال : ورجعوا إلى موسى بعد أربعين يوماً، فأتوا موسى وهارون وجماعة بني إسرائيل إلى برية فاران إلى رقيم - انتهى شرح ما أشير إليه في هذه السورة من قصص بني إسرائيل من التوراة.


الصفحة التالية
Icon