صفحة رقم ٢٠١
الخيرة في لقائه، لأنه وليه، ومنه ما ورد :( ما ترددت في شيء ترددي في قبض روح عبدي المؤمن يكره الموت، وأنا أكره مساءته ولا بد له منه ) ففي ضمن ذلك اختيار الله للمؤمن لقاءه، لأنه وليه يختار له فيما لا يصل إليه إدراكه - انتهى.
ثم سجل عليهم بالكذب فقال :( إن كنتم صادقين ) أي معتقدين للصدق في دعواكم خلوصها لكم، ولما كان التقدير : فقال لهم فما تمنوه ؟ عطف عليه قوله - إخباراً بالغيب قطعاً للعناد مؤكداً لأن ادعاءهم الخلوص أعظم من ادعائهم الولاية كما في سورة الجمعة :( ولن يتمنوه أبداً (، ثم ذكر السبب في عدم التمني فقال :( بما قدمت ( وهو من التقدمة وهي وضع الشيء قداماً وهو جهة القدم الذي هو الأمم والتجاه أي قبالة الوجه - قاله الحرالي : وعبر باليد التي بها أكثر الأفعال إشارة غلى أن أفعالهم لقباحتها كأنها خالية عن القصد فقال :( أيديهم ) أي من الظلم وإلى ذلك أشار قوله : عاطفاً على ما تقديره : فالله عليم بذلك ؟ والله ( الذي لا كفؤ له عليم بالظالمين ) أي كلهم حيث أظهر تنبيهاً على الوصف الموجب للحكم وتعميماً وتهديداً.
ولما بين أنهم لا يتمنونه أثبت لهم ما هو فوق ذلك لا يتمنونه أثبت لهم ما هو فوق ذلك من تمني الضد الدال على علمهم بسوء منقلبهم فقال :( ولتجدنهم ) أي بما تعلم من أحوالهم مما منه الوجدان.
وهو إحساس الباطن بما هو فيه والإصابة أيضاً لما له علقة الباطن، كأنه فيه ) أحرص ( صيغة مبالغة من الحرص، وهو طلب الاستغراق فيما يختص فيه الحظ - قاله الحرالي :( الناس على حياة ( على أي حالة كانت وهم قاطعون بأنه لا يخلو يوم منها عن كدر فإنهم يعلمون أنها وإن كانت في غاية الكدر خير لهم مما بعد الموت ) ومن ) أي وأحرص من ) الذين أشركوا ( الذين لا بعث عندهم على الحياة علماً منهم بأنهم صائرون إلى العذاب الدائم بالسيئات المحيطة والشرك.
قال الحرالي : إسناد الأمر المختص بواحد إلى من ليس له معه أمر - انتهى.
ثم بين مقدار ما يتمنونه فقال :( يود ( من الود وهو صحة نزوع النفس للشيء المستحق نزوعها له - قاله الحرالي.
) أحدهم ) أي أحد من تقدم من اليهود والمشركين بجميع أصنافهم، أو من اليهود خاصة، أو من المشركين فتكون ودادة اليهود من باب الأولى.
قال الحرالي : وهو نحو من خطاب القرآن لا يصل إليه إبلاغ الخلق ) لو يعمر ( من التعمير وهو تمادي العمر كأنه تكرار، والعمر أمد ما بين بدو الشيء وانقطاعه