صفحة رقم ٢٠٧
المخلوقات - انتهى.
أي ما وقع منه كفر ما فضلاً عن أن يكون بالسحر الذي هو أبعد الأشياء عن آيات الأنبياء ) ولكن الشياطين كفروا (.
ثم بين كفرهم بقوله :( يعلمون الناس ) أي المضطرين الذين لم يصلوا غلى سِنّ الذين آمنوا ) السحر ) أي الذي ولدوه هم بما يزينونه من حاله ليعتقد أنه مؤثر بنفسه ونحو ذلك، كما أن الأنبياء وأتباعهم يعلمون الناس الحق بما يبينونه من أمره.
والسحر قال الحرالي : هو قلب الحواس في مدركاتها عن الوجه المعتاد لها في صحتها عن سبب باطل لا يثبت مع ذكر الله عليه.
وقال الكرماني : أمر خارق للعادة صادر عن نفس شريرة لا تتعذر معارضته.
وقال الأصفهاني : اختلفوا في تعلمه على ثلاثة أوجه : أحدها أنه حرام، الثاني أنه مكروه، الثالث أنه مباح، والحق أنه إن كان تعلمه للعمل فهو حرام، وإن كان لتوقيه وعدم الاغترار به فهو مباح، وقال : والمراد بالسحر ما يستعان في تحصيله بالتقرب إلى الشيطان مما لا يستقل به الإنسان، وذلك لا يستتب غلا لمن يناسبه في الشرارة وخبث النفس، فإن التناسب شرط في التضام والتعاون وبهذا يميز الساحر عن الولي والنبي ؛ وأما ما يتعجب منه كما يفعله أصحاب الحيل بمعونة الآلات والأدوية أو يريه صاحب خفة اليد فغير حرام، وتسميته سحراً على التجوز لما فيه من الدقة، لأنه في الأصل لما خفي سببه.
وقوله :( وما (، أي واتبعوا أو ويعلمون ) ما أنزل على الملكين ( قال الحرالي : فيه إ نباء بأن هذا التخييل ضربان : مودع في الكون هو أمر الشياطين، ومنزل من غيب هو المتعلم من الملكين ؛ وقال :( ببابل ( تحقيقاً لنزولهما إلى الأرض ) هاروت وماروت ( بدل من الملكين، كأنهما لما كانا مع الحاجة إليهما لا يحتاجان إلى أحد وُصفا أيضاً بكونهما ملكين - بكسر اللام، وعبارة الحرالي : ملَكان جعلا ملِكين في الأرض، والآية من إظهار الله للملائكة أفضل الخليفة.
ثم بين نصيحة الملكين بقوله :( وما ( فأنبأ أن التقدير : وما كفر الملكان كما كفر الشياطين فإنهما ما ) يعلمان (، وزيادة من في قوله :( من أحد ( لتأكيد الاستغراق ) حتى يقولا إنما نحن فتنة ) أي على صورة الاختبار من الله لعباده، فإنه يعلم نبأ نم يختار السحر لما فيه من النفع العاجل على أمر النبوة فيكفر، ومن يعلم حقيقته لئلا يقع فيه وهو لا يشعر ثم يتركه إقبالاً على دين الله ؛ ووحد والمخبر عنه اثنان لأنها مصدر وهو لا يثنى ولا يجمع.
قال الحرالي :


الصفحة التالية
Icon