صفحة رقم ٢١٣
ولما حرم سبحانه قوله ) راعنا ( بعد حله وكان ذلك من باب النسخ وأنهى ما يتعلق به بالوصف بالفضل العظيم بعد التخصيص الذي من مقتضاه نقل ما يكون من المنافع من ملك أو دين أو قوة أو علم من ناس إلى ناس، وكان اليهود يرون أن دينهم لا ينسخ، فكان النسخ لذلك من مطاعنهم في هذا الدين وفي كون هذا الكتاب هدى للمتقين، لأنه على زعمهم لا يجوز على الله، قالوا : لأنه يلزم منه البدا - أي بفتح الموحدة مقصوراً - وهو أن يبدو الشيء أي يظهر بعد أن لم يكن، وذلك لا يجوز على الله تعالى، هذا مع أن النسخ في كتابهم الذي بين أظهرهم، فإن فيه أنه تعالى أمرهم بالدخول إلى بيت المقدس بعد مقاتلة الجبارين، فلما أبوا حرم عليهم دخولها ومنعهم منه ومن القتال بالقدرة والأمر، كما ستراه عن نص التوراة في سورة المائدة إن شاء الله تعالى، وأمرهم بالجمعة فاختلفوا فيه، كما قاله النبي ( ﷺ ) ويأتي في قوله تعالى :
٧٧ ( ) إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه ( ) ٧
[ النحل : ١٢٤ ] واختاروا السبت، ففرض عليهم وشدد عليهم فيه وأحل لهم جميع اللحوم والشحوم، لما اتخذوا العجل حرم عليهم الشحوم ؛ وأعظم من ذلك تعاطيهم من النسخ ما لم يأذن به الله في تحريفهم الكلم عن مواضعه، وتحريم الأحبار والرهبان وتحليلهم لهم ما شاؤوا من الأحكام التي تقدم عد جملة منها أصولاً وفروعاً، كما قال تعالى :
٧٧ ( ) اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ( ) ٧
[ التوبة : ٣١ ]، ولما قال عدي بن حاتم للنبي ( ﷺ ) :( يا رسول الله إنهم لم يكونوا يعبدونهم، قال : أليسوا يحلون لهم ويحرمون ؟ قال : بلى، قال : فتلك عبادتهم لهم ) كما هو مبين في السيرة في وفادة عدي ؛ وكما فعلوا في إبدال الرجم