صفحة رقم ٢١٩
يتضح مواقع خطاب القرآن مع المترتبين في أسنان القلوب بحسب الحظ من الإيمان والإسلام والإحسان - قاله الحرالي.
وعرف ) السبيل ( بأنه المشتمل على قوام السائر فيه والسالك له من نحو الرعي والسقي وشبهه، والسواء بأنه من الشيء أسمحه بالأمر الذي قصد له، قال : ويقال هو وسطه وخياره.
ولما كان أكثر المثيرين لهذه الشكوك في صور أهل الإسلام قال تعالى مخاطباً للمؤمنين وهم في غمارهم تنفيراً لهم عن الضلال الذي هو في نفسه أهل لأن ينفر عنه فكيف وهو شماتة العدو وبتخييله وودادته تحذيراً لهم من مخالطتهم :( ود كثير ( وهو تعليل لمعنى الكلام وهو : فلا تتبدلوا الكفر بالإيمان، بعد تعليله بالضلال ؛ وذلك كما مضى في
٧٧ ( ) ما يود الذين كفروا ( ) ٧
[ البقرة : ١٠٥ ] سواء.
ولما كان المشركون عرباً عالمين بأن طبع العرب الثبات لم يدخلهم معهم في هذا الود وقال :( من أهل الكتاب ( فأنبأ أن المصافي منهم قليل وبشر سبحانه بأن ما يودونه من قسم المحال بسوقه سوق المتمني فقال :( لو يردونكم ) أي بأجمعكم ؛ ثم حقق أمر التمني في كونه محالاً مشيراً بإثبات الجار إلى قناعتهم به و لو في زمن يسير فقال :( من بعد إيمانكم ) أي الراسخ ) كفاراً ) أي لتكونوا مثلهم فتخلدوا معهم في النار ) حسداً ( على ما آتاكم الله من الخير الهادي إلى الجنة، والحسد قلق النفس من رؤية النعمة على الغير، وعبر عن بلوغ الحسد إلى غاية لا حيلة معها في تركه بقوله :( من عند أنفسهم ) أي إنه راسخ في طبائعهم فلا تطمعوا في صرفه بشيء، فإن أنفسهم غالبة على عقولهم، ثم زاده تأكيداً بقوله مشيراً بإثبات الجار إلى ذمهم بأنهم استمروا على الضلال بعد الدعوة، لا يطلبون الحق مع القدرة على تعرفه، حتى هجم عليهم بيانه وقهرهم عرفانه، ثم لم يرجعوا إليه ؛ وما كفاهم ضلالهم في أنفسهم حتى تمنوا إضلال غيرهم بالرجوع عنه ) من بعد ما تبين ) أي بياناً عظيماً بوضوحه في نفسه ) لهم الحق ) أي من صحة رسالة محمد ( ﷺ ) وأنه خاتم النبيين المرسل إلى الناس كافة بشهادة ما طابقه من التوراة، ومن أنهم خالدون في النار، لأنهم ممن أحاطت به خطيئته بما دل عليه سبحانه في جميع هذه الآيات إبطالاً لدعواهم في مس النار لهم أياماً معدودة.
ثم أرشد إلى الدواء بقوله مسبباً عن الإخبار بأن ودهم محال وبعدم رجوعهم :