صفحة رقم ٢٢٩
الخطاب يفهم : ما اتخذ الله ولداً ولا له ولد ) بل له ما ( فعبر بالأداة التي هي لغير العاقل تصلح له تعميماً وتحقيراً لهم ) في السماوات والأرض ( مما ادعت كل فرقة منهم فيه الولدية وغير ذلك.
ثم علله بقوله معراً بما يفهم غاية الإذعان :( كل له قانتون ) أي مخلصون خاشعون متواضعون، لاستسلامهم لقضائه من غير قدرة على دفاع، ولا تطلع إلى نوع امتناع العاقل، غيره، حتى كأنهم يسعون في ذلك ويبادرون إليه مبادرة اللبيب الحازم.
قال الحرالي : فجاء بالجمع المشعر كما يقال بالعقل والعلم لما تقدم من أنه لا عجمة ولا جمادية بين الكون والمكوّن، إنما يقع جمادية وعجمة بين آحاد من المقصرين في الكون عن الإدراك التام ؛ والقنوت ثبات القائم بالأمر على قيامه تحققاً بتمكنه فيه.
انتهى.
ثم علل ذلك بما هو أعظم منه فقال :( بديع السماوات والأرض ) أي خالقهما على غير مثال سبق، وما أبدع كلية أمر كان أحرى أن يكون ما في طيه وإحاطته وإقامته من الأشياء المقامة به من مبدعه فكيف يجعل له شبيه منه ؟ لأن الولد مستخرج شبيه بما استخرج من عينه - ذكره الحرالي.
) وإذا قضى ) أي أراد ) أمراً ( منهما أو من غيرهما، والقضاء إنفاذ المقدر.
والمقدر ما حدّ من مطلق المعلوم - قاله الحرالي.
) فإنما يقول له كن ( من الكون وهو كمال البادي في ظاهره وباطنه ) فيكون ( فهو منزه عن حاجة التوالد وكل حاجة، وسر التعبير بالمضارع يذكر إن شاء الله تعالى في آل عمران.
قال الحرالي : وصيغته تمادي الكائن في أطوار وأوقات وأسنان يمتد توالها في المكون إلى غاية الكمال - انتهى.
قالوا : ورفع ( يكون ) للاستئناف أي فهو يكون، أو العطف على ) يقول ( إيذاناً بسرعة التكوين على جهة التمثيل، ومن قال بالأول منع العطف على ) يقول ( لاقتضاء الفاء أن القول مع التكوين فيلزم قدم التكوين، وقال الإمام أبو علي الفارسي في كتاب الحجة : إن ذلك لا يطرد في مثل ثاني حرفي آل عمران وهو قوله :
٧٧ ( ) ثم قال له كن فيكون ( ) ٧
[ آل عمران : ٥٩ ] لأنه لا يحسن تخالف الفعلين المتعاطفين بالمضي وغيره، وأول قوله : بأن معناه : مررت ماضياً، وطعن فيه أبو شامة بأن يكون في الآية ماض مثله وقد صرح أبو علي والحق معه بأنه على بابه يعني ؛ وفائدة التعبير به مضارعاً، تصوير الحال والإرشاد إلى أن التقدير : كن فكان، لأنه متى قضى شيئاً قال له : كن، فيكون، وجعل الأحسن عطفه على ) كن ( لأنه وإن كان يلفظ الأمر فمعناه الخبر أي يكون ؛ وقال : إن


الصفحة التالية
Icon