صفحة رقم ٢٣٤
المرسلين من دون هذا الخصوص، وذلك ( حق ) منكر، كما تقدم أي عند قوله :
٧٧ ( ) وهو الحق مصدقاً لما معهم ( ) ٧
[ البقرة : ٩١ ] لأن ما أحق غيباً مما أنزله الله فهو ( حق ) حتى السحر، وما أظهر غيب القضاء والتقدير وأعلن بإبداء حكمة الله على ما أبداها من نفوذ مشيئته في متقابل ما ابداه من خلقه فهو ( الحق ) الذي خلقت به السماوات والأرض ابتداء وبه ختمت الرسالة انتهاء لتطابق الأول والآخر كمالاً، حال كونك ) بشيراً ونذيراً ( وقال الحرالي : لما أجرى الله سبحانه من الخطاب عن أهل الكتاب والعرب نبّأ ردهم لما أنزل أولاً وآخراً ونبأ ما افتروه مما لا شبهة فيه دعواه أعرض بالخطاب عن الجميع وأقبل به على النبي ( ﷺ ) تسلية له وتأكيداً لما أعلمه به في أول السورة من أن الأمر مجرى على تقديره وقسمته الخلق بين مؤمن وكافر ومنافق، فأنبأه تعالى أنه ليس مضمون رسالته أن يدعو الخلق إلى غير ما جبلوا عليه، وأن مضمون رسالته أن يستظهر خبايا الأفئدة والقلوب على الألسنة والأعمال، فيبشر المهتدي والثابت على هدى سابق، وينذر الأبيّ والمنكر لما سبق إقراره به قبل، فعم بذلك الأولين والآخرين من المبشرين والمنذرين - انتهى - أي فليس عليك إلا ذلك فبشر وأنذر فإنما عليك البلاغ وليس عليك خلق الهداية في قلوب أهل النعيم ) ولا تسأل ( ويجوز أن يكون حالاً من ) أرسلناك ( أو من ) بشيراً ( ) عن أصحاب الجحيم ( والمراد بهم من ذكر في الآية السابقة من الجهلة ومن قبلهم، أي عن أعمالهم لتذهب نفسك عليهم حسرات لعدم إيمانهم، كما قال تعالى
٧٧ ( ) ولا تسأل عما كانوا يعملون ( ) ٧
[ البقرة : ١٤١ ] أي فحالك مستو بالنسبة إلينا وإليهم.
لأنك إن بلغتهم جميع ما أرسلت به إليهم لم نحاسبك بأعمالهم، وإن تركت بعض ذلك محاسنة لهم لم يحبّوك ما دمت على دينك فأقبل على أمرك ولا تبال بهم، وهو معنى قراءة نافع ) ولا تسأل ( على النهي، أي احتقرهم فإنهم أقل من أن يلتفت إليهم، فبلغهم جميع الأمر فإنهم لا يحبونك إلا إذا انسخلت مما أنت عليه ؛ وفي الحكم بكونهم أصحابها إثبات لما نفوه عن أنفسهم بقوله :
٧٧ ( ) لن تمسنا النار ( ) ٧
[ البقرة : ٨٠ ] ونفى لما خصصوا به أنفسهم في قولهم :
٧٧ ( ) لن يدخل الجنة ( ) ٧
[ البقرة : ١١١ ] الآية، والجحم قال الحرالي : انضمام الشيء وعظم فيه، ومن معنى حروفه الحجم وهو التضام وظهور المقدار إلا أن الحجم فيما ظهر كالأجسام والجحم - بتقديم الجيم - فيما يلطف كالصوت والنار.
ولما جرت العادة بأن المبشر يسرّ بالبشير أخبر تعالى أن أهل الكتاب في قسم المنذرين فهم لا يزالون عليه غضاباً فقال عطفاً على ما اقتضاه ما قبله :( ولن ترضى (


الصفحة التالية
Icon