صفحة رقم ٢٣٩
آدم لبنيه كافة، والإمام ما يتبع هداية إلى سداد - قاله الحرالي.
واستأنف قوله :( قال ) أي إبراهيم ) ومن ) أي واجعل من ) ذريتي ( أئمة ) قال لا ينال ) أي قد أجبتك وعاهدتك بأن أحسن إلى ذريتك لكن لا ينال ) عهدي ( الذي عهدته إليك بالإمامة ) الظالمين ( منهم، لأنهم نفوا أنفسهم عنك في أبوة الدين ؛ وفي ذلك أتم ترغيب في التخلق بوفائه لا سيما للذين دعوا قبلها إلى الوفاء بالعهد، وإشارة إلى أنهم إن شكروا أبقى رفعتهم كما أدام رفعته، وإن ظلموا لم تنلهم دعوته فضربت عليهم الذلة وما معها ولا يجزي أحد عنهم شيئاً ولا هم ينصرون ؛ والذرية مما يجمع معنى الذرّ والدرء، والذريّ مختلف كونه على وجوه اشتقاقه، فيكون فعلولة كأنه ذرورة ثم خفف بقلب الراء ياء استثقالاً للتضعيف ثم كسر ما قبل الياءين تحقيقاً لهما.
لأنه اجتمع بعد القلب واو وياء سبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء، أو تكون فعليّة من الذر منسوباً، ومن الذر مخفف فعولة بقلب الهمزة ياء ثم الواو ياء لاجتماعها معها سابقة إحداهما بالسكون ثم الإدغام، أو فعيلة إن يكن في الكلام لما فيه من ثقل اجتماع الضم والكسر - قاله الحرالي، وفيه تصرف.
ولما كان من إمامته اتباع الناس له في حج البيت الذي شرفه الله ببنائه قال إثر ذلك ناعياً على أهل الكتاب مخالفته وترك دينه وموطئاً لأمر القبلة :( وإذ جعلنا البيت ) أي الذي بناه إبراهيم بأم القرى ) مثابة للناس ) أي مرجعاً يرجعون إليه بكلياتهم.
كلما تفرقوا عنه اشتاقوا إليه هم أو غيرهم آية على رجوعهم من الدنيا إلى ربهم.
قال الحرالي : وهو مفعلة من الثوب وهو الرجوع ترامياً إليه بالكلية.
وفي صيغة المفعلة دوام المعاودة مثابرة ) وأمناً ( لكونه بيت الملك.
من حرب الدنيا ومن عذاب الآخرة إلا في حق من استثناه الله من الكافرين فعلاً بالشرك وقوة بالإلحاد، والأمن براءة عيب من تطرق أذى إليه - قاله الحرالي.
وقد كانوا في الجاهلية يرى الرجل قاتل أبيه في الحرم فلا يتعرض له.
قال الأصبهاني : وهذا شيء توارثوه من زمن إسماعيل عليه السلام فقرأ عليه إلى أيام النبي ( ﷺ )، فاليوم من أصاب في الحرم جريرة أقيم عليه الحد بالإجماع.
ولما كان التقدير : فتاب الناس عليه ائتماماً ببانيه وآمنوا بدعوته فيه عطف عليه قوله :( واتخذوا (، وعلى قراءة الأمر يكون التقدير : فتوبوا إليه أيها الناس ائتماماً به واتخذوا ) من مقام إبراهيم ( خليلنا ) مصلى ( وهو مفعل لما تداوم فيه الصلاة، ومقام إبراهيم هو الحجر الذي قام عليه حين جاء لزيارة ولده إسماعيل عليهما الصلاة والسلام فلم يجده، فغسلت امرأة إسماعيل رأسه وهو معتمد برجله عليه وهو راكب، غسلت