صفحة رقم ٢٤١
عليهما السلام من تطهيره ذكر باهامامه بأهله ودعائه لهم مبكتاً لمن عقّه من ذريته بالتصريح بكفرهم بيوم الجزاء الأمر بكل خير الزاجر عن كل ضير فقال : وإذ قال إبراهيم رب ( فأسقط أداة البعد إنباء بقربه كما هو حال أهل الصفوة ) اجعل هذا ) أي الموضع الذي جعلت فيه بيتك وأمرتني بأن أسكنته من ذريتي.
ولما كان السياق للمنع من المسجد وللسعي في خرابه وكان ذلك شاملاً بعمومه للبادي ولذلك قرر أنه مثابة للناس عامة وأمنٌ كان الأنسب تنكير البلد فقال :( بلداً ( يأنس من يحل به ) آمناً ( إفصاحاً بما أفهمه
٧٧ ( ) وإذ جعلنا البيت ( ) ٧
[ البقرة : ١٢٥ ] الآية، والمعنى أنكم عققتم أعظم آبائكم في دعوتيه كلتيهما : في كونه بلداً فإنه إذا انقطع الناس عن أهله خرب، وفي كونه آمناً، وهذا بخلاف ما يأتي في سورة إبراهيم عليه السلام.
ولما ذكر القرار والأمن أتبعه الرزق وقال :( وارزق أهله ( وقال :( من الثمرات (، ولم يقل : من الحبوب، لما في تعاطيها من الذل المنافي للأمن، لما روى أن النبي ( ﷺ ) رأى سكة حرث فقال :( ما دخلت هذه بيتاً إلا ذل ) وقال :( من آمن منهم بالله ( ا لجامع لصفات الكمال ) واليوم الآخر ( تقييداً لدعوة الرزق بما قيدت به دعوة الإمامة تأدباً معه حيث قال :
٧٧ ( ) لا ينال عهدي الظالمين ( ) ٧
[ البقرة : ١٢٤ ] ) قال ( الله تعالى معلماً أن شمول الرحمانية بأمن الدنيا ورزقها لجميع عمرة الأرض ) ومن كفر ) أي أنيله أيضاً ما ألهمتك من الدعاء بالأمن والرزق، وعبر عن ذلك بقوله :( فأمتعه ( تخسيساً له بما أفهمه لفظ ا لمتاع بكونه كما مضى من اسماء الجيفة التي إنما هي منال المضطر على شعور يرفضه على قرب من مترجي الغناء عنها، وأكد ذلك بقوله :( قليلاً ( لكن فيه غيماء إلى أنه يكون أطيب حالاً في الدنيا وأوسع رزقاً من المؤمن، وكذا في قوله :( ثم أضطره ( بما لي من العظمة الباهرة ) إلى عذاب النار ) أي بما أستدرجه به من النعم الحاملة له على المعاصي التي هي أسباب النقم، وفي التعبير بلفظ الاضطرار إلى ما لا يقدم عليه أحد باختيار إشعار بإجبار الله خلقه على ما يشاء منهم من إظهار حكمته وأن أحداً لا يقدر على حركة ولا سكون إلا بمشيئته ؛ والاضطرار الإلجاء إلى ما فيه ضرر بشدة وقسر.
ولما كان التقدير : فبئس المتاع ما ذكر له في الدنيا، عطف عليه قوله :( وبئس المصير ) أي العذاب له في الآخرة، وهو مفعل