صفحة رقم ٣٤
ًأو في وقت ( الريب ) التردد بين موقعي تهمة بيحث يمنع من الطمأنينة على كل واحد منها. اتهى. وأصله قلق النفس واضراربه، ومنه ريب الزمان لنوائبه المقلقة، ولما كان ذلك يستلزم الهدى قال :( هدى ( وخص المنتفعين لن الألد لادواء له والتعنت لايرده شىء فقال :( للمتقين ) أي الذين جلبوا في أصل الخلقة على التقوى ؛ فافهم ذلك أن غيرهم لايهتدي بهبل يرتاب وإن كان ليس موضعاًللريب أصلاً قال الحرالي : جمع المتقى وهو المتوقف عن الإقدام على كل أمر لشعوره بتقصير عن الاستباد وعلمه بأنه غير مستغن بنفسه فهو متق لوصفه وحسن فطرته والمتقى كذا متوقف لأجل ذلك، والتقوى أصل يتقد الهدى وكل عبادة، لأنها فطرة توقف تستحق الهدى وكل خير وهي وصية الله لأهل الكتاب. انتهى.
ثم وصفهم بمجامع الأعمال تعريفاً لهم فقال ) الذين يؤمنون بالغيب ) أي الأمر الغائب الذي لانافع في الإيمان غيره، وعبر بالمصدر للمبالغة.
) ويقيمون الصلاة ) أي التي هى حضرة المراقبة وأفضل أعمال البدن بالمحافظة عليها وبحفظها في ذاتها وجميع أحوالها. ولما ذكر وصلة الخلق بالخالق وكانت النفقة مع أنها من أعظم دعائم الدين صلة بين الخلائق أتبعها بها فقال مقدماً للجار ناهياً عن الإسراف ومنبهاً بالتبغيض على طيب النفقة لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وآمراً بالورع وزاجراً عما فيه شبهة [ لأن الرزق يشمل الحلال والحرام والمشتبه ) مما رزقناهم ) أي مكناهم من الانتفاع به على عظمة خزائننا وهو لنا دونهم ) ينفقون ) أي في مرضاتنا مما يلزمهم من الزكاة والحج والغزو وغيرها ومما يتطوعون به من الصدقات وغيرها، والمراد بهذه الأفعال هنا إيجاد حقائقها على الدوام.
قال أبو حيان وغيره في قوله تعالى في سورة الحج
٧٧ ( ) إن الذين كفروا ويصدون ( ) ٧
[ الحج : ٢٥ ] المضارع قد لا يلحظ فيه زمان معين من حال أو استقبال فيدل إذ ذاك على الاستمرا.
انتهى.
وهذا مما لا محيد عنه وإلا لم يشملْ هذا في هذه السورة المدنية من تخلق به قبل الهجرة وقوله تعالى
٧٧ ( ) فلم تقتلون أنبياء الله من قبل ( ) ٧
[ البقرة : ٩١ ] قاطع في ذلك.
وقال الحرالي :( يؤمنون (، من الإيمان وهو مصدر آمنه يؤمنه إيمانا إذا آمن من