صفحة رقم ٣٨٠
أنفة.
قال الحرالي : فرفع الخطاب إلى ما هو أ ليق بالحق من إيثار ما يرجع إليه على ما يرجع إلى الخلق انتهى.
ولما أمر تعالى بما أمر من ذكره لذاته ثم لإحسانه على الإطلاق ثم قيد بإفراده بذلك وترك ذكر الغير سبب عنه تقسيم الناس في قبول الأمر فقال صارفاً من القول عن الخطاب دلالة على العموم :( فمن الناس من ( تكون الدنيا أكبر همه فلا التفات له إلى غيرها فهو ) يقول ( أفرد الضمير رعاية للفظ من بشارة بأن الهالك في هذه الأمة إن شاء الله قليل ) ربنا ( أيها المحسن إلينا ) آتنا في الدنيا ( ومفعوله محذوف تقديره : ما نريد - ) و ( الحال أنه ) ما له ( ويجوز أن يكون عطفاً على ما تقديره : فيعطيه ما شاء سبحانه منها لا ما طلب هو، وليس له ) في الآخرة من خلاق ) أي نصيب لأنه لا رغبة له فيها فهو لا يطلبها ولا يسعى لها سعيها.
قال الحرالي : والخلاق الحظ اللائق بالخَلق والخُلق.
) ومنهم من ( يجعل عبادته وحجه وسيلة إلى الرغبة إلى ربه ويذكر الله تعالى كما أمر فهو ) يقول ربنا ( بإحسانك ) آتنا في الدنيا ( حالة وعيشة ) حسنة ( لا توصل بها إلى الآخرة على ما يرضيك.
قال الحرالي : وهي الكفاف من المطعم والمشرب والملبس والمأوى والزوجة على ما كانت لا شرف فيها - انتهى.
) وفي الآخرة حسنة ) أي من رحمتك التي تدخلنا بها الجنة.
ولما كان الرجاء لا يصلح إلا بالخوف وإعطاء الحسنة لا ينفي المس بالسيئة قال :( وقنا عذاب النار ) أي بعفوك ومغفرتك.
ولما كان هؤلاء على منهاج الرسل لأنهم عبدوا الله أولاً كما أشار إليه السياق فانكسرت نفوسهم ثم ذكروه على تلك المراتب الثلاث فنارت قلوبهم بتجلي نور جلاله سبحانه وتعالى فتأهلوا بذلك للدعاء فكان دعاؤهم كاملاً، كما فعل الخليل عليه الصلاة والسلام حيث قال :
٧٧ ( ) الذي خلقني فهو يهدين ( ) ٧
[ الشعراء : ٧٨ ] الآيات حتى قال
٧٧ ( ) رب هب لي حكماً وألحقني بالصالحين ( ) ٧
[ الشعراء : ٨٣ ] فقدم الذكر على الدعاء وكما هدى إليه آخر آلعمران في قوله :
٧٧ ( ) ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ( ) ٧
[ آل عمران : ١٩٣ ] الآيات، فقدموا الطاعة عظم شأنهم بقوله على سبيل الاستئناف جامعاً على معنى من بشارة بكثرة الناجي في هذه الأمة أو يكون الجمع لعظم صفاتهم :( أولئك ) أي العالو المراتب العظيمو المطالب ) لهم ) أي هذا القسم فقط لأن الأول قد أخبر أن الأمر عليه لا له.
ولما كان غالب أفعال العباد على غير السداد وأقل ما فيها أن تكون خالية عن نية حسنة قال مشيراً إلى ذلك :( نصيب ( وهو اسم للحظ الذي أتت عليه القسمة بين جماعة، كائن ) مما ( لو قال : طلبوا - مثلاً، لم يعم جميع أفعالهم ؛ ولو قال : فعلوا،


الصفحة التالية
Icon