صفحة رقم ٣٨٧
ولما كان الإباء والعناد الذي يحمل عليه الأنفة والكبر فعل الشيطان وثمرة كونه من نار قال :( ولا تتبعوا ) أي تكلفوا أنفسكم من أمر الضلال ضد ما فطرها الله تعالى عليه وسهله لها من الهدى ) خطوات الشيطان ) أي طرق المبعد المحترق في الكبر عن الحق.
قال الحرالي : ففي إفهامه أن التسليط في هذا اليوم له، وفيه إشعار وإنذار بما وقع في هذه الأمة وهو واقع وسيقع من خروجهم من السلم إلى الاحتراب بوقوع الفتنة في الألسنة والأسنة على أمر الدنيا وعودهم إلى أمور جاهليتهم، لأن الدنيا أقطاع الشيطان كما أن الآخرة خلاصة الرحمن، فكان ابتداء الفتنة منذ كسر الباب الموصد على السلم وهو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فلم يزل الهرج ولا يزال إلى أن تضع الحرب أوزارها.
ثم علل ذلك سبحانه وتعالى بقوله :( إنه لكم عدو مبين ) أي بما أخبرناكم به في أمر أبيكم آدم عليه الصلاة والسلام وغير ذلك مما شواهده ظاهرة، وما أحسن هذا الختم المضاد لختم التي قبلها فإن تذكر الرأفة منه سبحانه على عظمته والعبودية منا الذي هو معنى الولاية التي روحها الانقياد لكل ما يحبه الولي وتذكر عداوة المضل أعظم منفر منه وداع إلى الله سبحانه وتعالى.
ولما أقام سبحانه وتعالى الأدلة على عظمته التي منها الوحدانية وأزال الشبه ومحا الشكوك وذكر بأنواع اللطف والبر إلى أن ختم الآيتين بما ذكر من ولايته وعداوة المضل عن طريقه سبب عن ذلك قوله ) فإن زللتم ( مشيراً بأداة الشك إلى أنهم صاروا إلى حالة من وضوح الطريق الواسع الأمكن الأمين المستقيم الأسلم يبعد معها كل البعد أن يزلوا عنه ولذلك قال :( من بعد ما جاءتكم البينات ) أي بهذا الكتاب الذي لا ريب فيه.
قال


الصفحة التالية
Icon