صفحة رقم ٣٩٦
التي هي نعيم دائم ) و ( الحال أنه ) لما يأتكم مثل ) أي وصف ) الذين خلوا ( ولما كان القرب في الزمان أشد في التأسية أثبت الجار فقال :( من قبلكم ) أي يقص عليكم لتعلموا به أو يصيبكم ما أصابهم من الأحوال الغريبة والقضايا العجيبة التي هي في غرابتها كالأمثال.
وقال الحرالي : وأم عطف على أمور يفهمها مبدأ الخطاب كأنه يقول : أحسبتم أن تفارق أحوالكم أحوال الأمم الماضية في حكمة الله وسنته ولن تجد لسنة الله تبديلاً إلى ما يستجره معنى الخطاب إجمالاً وتفصيلاً في واقع الدنيا من شدائدها وحرها وبردها وضيق عيشها وأنواع أذاها وحال البرزخ وحال النشر والحشر إلى ما وراء ذلك إلىغاية دخول الجنة فكان عند انتهاء ذلك بادئة خطاب ) أم حسبتم ( تجاوزاً لما بين أول البعث وغاية دخول الجنة - انتهى.
ونبهت لما التي فيها معنى التوقع لأنها في النفي نظيرة قد في الإثبات على أنه كان ينبغي لهم أن يكون دخولهم في الدين على بصيرة من حصول الشدائد لكثرة المخالف والمعاند فيكونوا متوقعين في كل وقت مكابدة القوارع وحلول الصوادع والصوارع ليكون ذلك أجد في أمرهم وأجدر لهم بالثبات والارتقاء إلى أعلى الدرجات.
ولما كان كأنه قيل : ما ذلك المثل ؟ أجيب بياناً بقوله :( مستهم البأساء ) أي المصائب في الأموال ) والضراء ) أي في الأنفس - نقله أبو عبيد الهروي عن الأزهري، والأحسن عندي عكسه، لأن البأس كثير الاستعمار في الحرب والضر كثير الاستعمال في الفقر ؛ أي جزاء لهم كما قال الحرالي على ما غيروا مما يجلب كلاًّ منهما ولكل عمل جزاء ) وزلزلوا ( لأمور باطنة من خفايا القلوب انتهى.
والمعنى أنهم أزعجوا بأنواع البلايا والرزايا والأهوال والأفزاع إزعااً شديداً شبيهاً بالزلزلة التي تكاد تهد الأرض وتدك الجبال ) حتى يقول ( رفعه نافع على حكاية الحال في وقتها بمعنى أن الغاية والمغيا قد وجدا ومضيا فهما ماضيان وكأنك تحكي ذلك حين وقوعه مثل من يقول عن مريض يشاهده : مرض حتى لا يرجونه، فإ، النصب بتقدير أن وهي علم الاستقبال فهي لا تنصب غلا مضارعاً بمعناه ؛ ونصبه الجماعة على حكاية الحال أيضاً لكن بتقدير أن الزلزال مشاهد والقول منتظر حقق ذلك المتبين حتى يقول :( الرسول ( وهو أثبت الناس ) والذين آمنوا معه ( وهم الأثبت بعده لطول تمادي الزمان فيما مسهم وعبر بالمضارع تصويراً لحالهم وإشارة إلى تكرير ذلك من مقالهم.
وقال الحرالي : فذكر قول الرسول الواقع في رتبة الذين آمنوا معه لا قوله فيما يخصه في ذاته وحده ومن