صفحة رقم ٤٠٥
قال الماوردي من أصحابنا : كل موضع ذكر الله فيه المسجد الحرام فالمراد به الحرم إلا قوله تعالى :
٧٧ ( ) فول وجهك شطر المسجد الحرام ( ) ٧
[ البقرة : ١٤٩ ] فإن المراد به الكعبة - نقله عن ابن الملقن.
وقال غيره : إنه يطلق أيضاً على نفس مكة مثل
٧٧ ( ) سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام ( ) ٧
[ الإسراء : ١ ] فإن في بعض طرق البخاري :( فُرج سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم ثم جاء بطست - إلى أن قال : ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء ) ويطلق أيضاً على نفس المسجد نحو قوله تعالى :
٧٧ ( ) ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ( ) ٧
[ الحج : ٢٥ ].
ولما كان كل ما تقدم من أمر الكفار فتنة كان كأنه قيل : أكبر، لأن ذلك فتنة ) والفتنة ) أي بالكفر والتكفير بالصد والإخراج وسائر أنواع الأذى التي ترتكبونها بأهل الله في الحرم والأشهر الحرم ) أكبر من القتل ( ولو كان في الشهر الحرام لأن همه يزول وغمها يطول.
ولما كان التقدير : وقد فتنوكم وقاتلوكم وكان الله سبحانه وتعالى عالماً بأنهم إن تراخوا في قتالهم ليتركوا الكفر لم يتراخوا هم في قتالهم ليتركوا الإسلام وكان أشد الأعداء من إذا تركته لم يتركك قال تعالى عاطفاً على ما قدرته :( ولا يزالون ) أي الكفار ) يقاتلونكم ) أي يجددون قتالكم كلما لاحت لهم فرصة.
ولما كان قتالهم إنما هو لتبديل الدين الحق بالباطل علله تعالى بقوله :( حتى ( ولكنهم لما كانوا يقدرون أنه هيّن عليهم لقلة المسلمين وضعفهم تصوروه غاية لا بد من انتهائهم إليها، فدل على ذلك بالتعبير بأداة الغاية، ) يردوكم ) أي كافة ما بقي منكم واحد ) عن دينكم ( الحق، ونبه على أن ( حتى ) تعليلية بقوله مخوفاً من التواني عنهم فيستحكم كيدهم ملهباً للأخذ في الجد في حربهم وإن كان يشعر بأنهم لا يستطيعون :


الصفحة التالية
Icon