صفحة رقم ٤٨
فلما علم ذلك كله وكانت الأمثال ألصق بالبال وأكشف للأحوال مثل حالهم في هداهم الذي باعوه با لضلاة بالأمور المحسوسة، لأن للتمثيل بها شأناًعظيماًفي إيصال المعاني حتى إلى الأذهان الجامدة وتقريرها فيها بقوله تعالى ) مثلهم ( اي في حالهم هذه التي طلبوا أن يعيشوا بها ) كمثل الذي استوقد ناراً ) أي طلب أن توقد له وهي هداه ليسير في نولرها، وأصلها من نار إذا نفر لتحركها واضطرابها، فوقدت وأنارت.
) فلما أضاءت ) أي النار، وأفراد الضمير باعتبار لفظ ( الذي ) فقال :( وما حوله ( وأراد أن ينتفع بها في إبصار ما يريد، وهوكناية عما حصل لهم من الأمنةبما قالوه من كلمة الإسلام من غير اعتقاد ) ذهب الله ( الذي له كمال العلم والقدرة، وجمع الضمير نظراًإلى المعنى لئلا يتوهم أن بعضهم انتفع دون بعض بعد ان أفراد تقليلاً للنور وإن كان قوياًفي أوله لانطففائه في آخر فقال :( بنورهم ) أي الذي نشأمن تلك النار بإطفائه لها ولانور لهم سواه ؛ ولم يقل : بضوئهم، لئلا يتوهم أن المذهوب به الزيادة فقط، لأن الضوء أعظم من مطلق النور
٧٧ ( ) هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً ( ) ٧
[ يونس : ٥ ] فذهب نورهم وبقيت نارهم ليجتمع عليهم حرّها مع حر الفقد لما ينفعهم من النور، وعبر بالإضاءة أو لاًإشارة إلى قوة أولهم وانحماق آخرهم لأن محط حالهم الباطل والباطل له صولة ثم تضمحل عند من ثبت لها ليتبين الصادق من الكاذب نوعبر بالذهاب به دون إذهابه ليدل نصفاًعلى أنه سبحانه ليس معهم وحقق ذلك بالتعبير عن صيرّبترك فقال :( وتركهم في ظلمات ) أي بالضلاة من قلوبهم وإبصارهم وليهم أي ظلمات لاينفذ فيها بصر، فلذا كانت نتيجة ) لايبصرون ) أي لاإبصار لهم أصلاً ببصره ولا بصيرة.
ولما فرغ من المثل كشف المراد بظلماتهم بأنها ما في آذانهم من الثقل المانع من الانتفاع بالسماع، وما في ألسنتهم من الخرس عن كلام الخير الناشىء عن عدم الإدراك الناشىء عن عمى البصائر وفساد الضمائر والسرائر، وما على أبصارهم من الغشاوة المانعة من الاعتبار وعلى بصارئهم من الأغطية المنافية للادّكار فقال :( صم ) أي عن السماع النافع ) بكم ( عن النطق المفيد لأن قلوبهم مختوم عليها فلاينبعث منها خير تقذفة إلى الألسنة ) عمي ( في البصر والبصيرة عن الإبصارالمرشد لما تقدم من الختم على مشاعرهم، ولما مان في اكن في مقام إجابة الداعي إلي إلى الإيمان قدم السمع لأنه العمدة في


الصفحة التالية
Icon