صفحة رقم ٥٣
ثم قال فيما به يحصل قراءة هذا الحرف : اعلم أن قراءة الأحرف الستة تماماًوفاء بتفصيل العبادة، لأنها أشفاع ثلاثة للتخلص والتخلي وثلاثة للعمل والتحلي، لن ترك الحرامك طهرة البدن طهرة النفس وترك الترض للمتشابه طهرة القلب، ولأن تناول الحلال زكاء البدن وطاعة الأمر زكاء النفس وتحقق العبودية بمقتضى حرف المحكم نور القلب ؛ وأما قراءة حرف الأمثال فهو وفاء العبادة بالقلب جمعاًودواماً
٧٧ ( ) وله الدين واصباً ( ) ٧
[ النحل : ٥٢ ] و
٧٧ ( ) الذين هم على صلاتهم دائمون ( ) ٧
[ المعارج : ٢٣ ] فالذي يحصل قراءة هذا هو خاص بالقلب، لأن أعمال الجوارح وأحوال النفس قد استوفتها الأحرف السته التفصيلية، والذي يخص القلب بقراءة هذا الحرف هو المعرفةالتامه الميطه بأن كل الخلق دقيقة وجليلة خلق الله وحده لاشريك له في شيء منه، وأنه جميعه مثل لكلية أمر الله القائم بكلية ذلك الخلق نوإن كلية ذلك الأمر الذي هو ممثول لمثل الخلق هو مثل لله تعلى :
٧٧ ( ) وله المثل الأعلى ( ) ٧
[ الروم : ٢٧ ] وان تفاصل الأمر المحيطات أمثل لقيامها من تفاصيل ذلك الأمر المحيطات بها، وأن تفاصيل الأمر الميطات أمثال لأسماء الله تعالى الحسنى بما هي محيطة ؛ ولجمع هذا الحرف لم يصح. إنزاله إلاعلى الخلق الجامع الآدمي الذي هو صفوة الله وفطرته، وعلى سيد الآدميين محمد خاتم النبين وهوخاصة وخاصة آلة، وعنه كمل الدين باالإحسان، وصفا العلم بالإيقان، وشوهد في الوقت الحاضر، ما بين حدي الأزل الماضي والأبد الغابر، وعن تمام اليقين والإحسان تحقق الفناء لكل فانِِ وبقي وجه رب محمد ذي الجلال والإكرام، وكان هذا الحرف بما اسمه الحمد هولكل شيء وختام انتهى.
ولما بهذا البيان عما للكافرين بقسميهم من الشقاوة مع تمام القرة شمول العلم المستلزم مان للواحدانية أنتج قطعاً إفراده بالعباده الموجبه للساعده المضمنه لإياك نعبد، فوصل بذلك قوله مقبلاًعليهم بعد الإعراض عنهم عند التقسيم إيذاك بأنهم صاروا بما تقدم من ضرب الأمثال وغيرها من حيز المتأهل للخطاب من غير واسطة تنشيطاًلهم في عبادته وترغيباًوتحريكاًإلى رفع أنفسهم بإقبال الملك الأعظم عن الخضوع لمن هو دونه بل دونهم وبشارة لمن أقبل عليه بعد أن كان معرضاًعنه بدوام الترقيه، فيزال ما أشار إليه حرف النداء والتعبير. عن المنادى من بقية البعد بالسهو الغفلة والإعراض بالتقصير في العبادة ولاضطراب والذبذبة ) ياأيها الناس ( قال الحرالي في تفسيره ) يا ( تنبيه من يكون بمسمع من المنبه ليقبل على الخطاب، وهو تنبيه في ذات نفس المخاطب ويفهم توسط البعد بين آيا الممدودة وأي المقصورة ( أيّ ) اسم مبهم، مدلوله اختصاص ما وقع عليه من مقتضى اسم شامل، ( ها )


الصفحة التالية
Icon