صفحة رقم ٥٤٨
للكبير حذر من ذلك ولم يجعله في صلب الأمر قبل الإشهاد بل أفرده بالذكر تعظيماً لشأنه فقال :( ولا تسئموا ( من السآمة.
قال الحرالي : بناء مبالغة وهو أشد الملالة ) أن تكتبوه ) أي لا تفعلوا فعل السئيم فتتركوا كتابته ) صغيراً ( كان الدين ) أو كبيراً ( طالت الكتابة أو قصرت.
قال الحرالي : ولم يكن قليلاً أو كثيراً، لأن الكثرة والقلة واقعة بالنسبة إلى الشيء المعدود في ذاته، والصغير والكبير يقع بالنسبة إلى المداين، فربما كان الكثير في العدد صغير القدر عند الرجل الجليل المقدار، وربما كان القليل العدد كثيراً بالنسبة إلى الرجل المشاحح فيه، فكان الصغر والكبر أشمل وأرجع إلى حال المداين الذي هو المخاطب بأن يكتب انتهى.
) إلى أجله ) أي الذي توافقتم وتواثقتم عليه.
ولما كان كأنه قيل : ما فائدة ذلك ؟ فقيل :( ذلكم ( إشارة بأداة البعد وميم الجمع إلى عظم جدواه.
قال الحرالي : ولبيانه ووضوحه عندهم لم يكن إقبالاً على النبي ( ﷺ ) الذي يقبل عليه في الأمور الخفية - انتهى.
) أقسط ) أي أعدل فقد نقل عن ابن السيد أنه قال في كتابه الاقتضاب : إن قسط بمعنى جار وبمعنى عدل.
وقال الحرالي :( أقسط ( من الإقساط وهو وضع القسط وهو حفظ الموازنة حتى لا تخرج إلى تطفيف.
ثم زاد تعظيمه بقوله :( عند الله ) أي الذي هو محيط بصفات الكمال بالنسبة إلى كل صفة من صفاته، لأنه يحمل على العدل بمنع المغالطة والتلون في شيء من أحوال ذلك الدين ) وأقوم للشهادة ) أي وأعدل في قيام الشهادة إذا طلب من الشاهد أن يقيمها بما هو مضبوط له وعليه ) وأدنى ) أي أقرب في ) ألا ترتابوا ) أي تشكوا في شيء من الأمر الذي وقع.
قال الحرالي : ففي إشعاره أنه ربما داخل الرجل والرجلين نحو ما داخل المرأتين فيكون الكتاب مقيماً لشهادتهما، فنفى عن الرجال الريبة بالكتاب كما نفى عن النساء الضلال بالذكر - انتهى.
ولما كان الدين المؤجل أعم من أن يكون قرضاً أو تجارة ينمي بها المال المأمور بالإنفاق منه في وجوه الخير النافعة يوم الدين وكان قد أكد في أمر الكتابة تأكيداً ربما ظن معه الحث عليها ولو لم يكن أجل نبه على أن العلة فيها الأجل الذي هو مظنة النسيان المستولي على الإنسان بقوله :( إلا أن تكون ) أي المداينة ) تجارة حاضرة ( هذا على قراءة عاصم، وكان في قراءة غيره تامة ) تديرونها بينكم ) أي يداً بيد، من الإدارة.
قال الحرالي : من أصل الدور وهو رجوع الشيء عوداً على بدئه ) فليس عليكم ( حينئذ ) جناح ) أي اعتراض في ) ألا تكتبوها ) أي لأنها مناجزة وهي عرض زائل لا يكاد يستقر في يد أحد لأن القصد به المتجر لا الاستيقاء فبعد ما يخشى من التجاحد.


الصفحة التالية
Icon